للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوثر، ففي مقدمة "الهداية": وقد وردت لماء زمزم فضائل في أحاديث كثيرة، وأجمع العلماء على أن ماءها أفضل مياه الدنيا إلا ما نبع من أصابعه - صلى الله عليه وسلم -، وهل ماء زمزم أفضل من ماء الكوثر أيضًا، اختلفوا فيه، فمنهم من قال: لا، وذهب أهل التحقيق إلى كونه أفضل منه أخذًا مما روي في قصة المعراج من غسل الملائكة صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمائه، فلو كان ماء الكوثر أفضل منه لجيء به كما لا يخفى، انتهى.

وبه جزم الزرقاني في "شرح المواهب" وقال: وإليه يومئ قول العارف ابن أبي جمرة، وتوقف السيوطي فيه. . .، إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع" (١)، ويأتي في "كتاب الأشربة" "باب الشرب قائمًا"، ويأتي الكلام على المسألة هناك، إن شاء الله تعالى.

[(٧٧ - باب طواف القارن)]

قال الحافظ (٢): أي: هل يكتفي بطواف واحد أو لا بد من طوافين، انتهى.

قلت: الأول مذهب الأئمة الثلاثة، والثاني مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة والكوفيين فإنهم قالوا: لا بد للقارن من طوافين وسعيين.

قال السندي (٣): قوله: "فإنما طافوا طوافًا واحدًا" ظاهره أنهم إنما اقتصروا من الطوافين اللذين طافهما السابقون على أحدهما إما الأول وإما الثاني، وليس الأمر كذلك، بل هم أيضًا طافوا الطوافين الأول والثاني جميعًا، وذلك مما لا خلاف فيه، وقد جاء صريحًا عن ابن عمر، ففي "صحيح مسلم" عنه: وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج، إلى أن قال: وطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة، إلى أن قال: ونحر هديه يوم النحر، وأفاض وطاف بالبيت وفعل مثل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم


(١) "اللامع" (٥/ ١٩٤، ١٩٧).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٤٩٤).
(٣) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>