للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهر أن المصنف أشار إلى رواية الترمذي وغيره بلفظ الثلاثة، وأما القياس ففيه نظر؛ لأنه لو أراده لم يقتصر على الثلاثة بل كان يقول مثلًا: دفن الرجلين فأكثر، ويؤخذ من هذا جواز دفن المرأتين في قبر، وأما دفن الرجل مع المرأة فروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه، وكأنه كان يجعل بينهما حائلًا من تراب، ولا سيما إن كانا أجنبيين، والله أعلم، انتهى.

[(٧٤ - باب من لم ير غسل الشهداء)]

قال القسطلاني (١): أي: ولو كان الشهيد جنبًا، أو حائضًا أو نفساء، واستدل المصنف بعموم حديث الباب على أن الشهيد لا يغسل، حتى ولا الجنب، والحائض، وهو الأصح عند الشافعية، زاد الحافظ: وقيل (٢): يغسل للجنابة لا بنيَّة غسل الميت لقصة حنظلة المشهورة رواها ابن إسحاق وغيره، وأجيب بأنه لو كان واجبًا ما اكتفى فيه بغسل الملائكة، وقال الحسن البصري وسعيد بن المسيب في ما رواه ابن أبي شيبة: يغسل الشهيد، انتهى.

قلت: فالترجمة رد على قولهما، وفي "الأوجز" (٣): قال الموفق: الشهيد إذا مات في المعترك لا يغسل رواية واحدة، وهو قول أكثر أهل العلم، ولا نعلم فيه خلافًا إلا عن الحسن وابن المسيب إلى أن قال الموفق: فإن كان الشهيد جنبًا غسل، وحكمه في الصلاة حكم غيره من الشهداء، وبه قال أبو حنيفة، وقال مالك: لا يغسل لعموم الخبر، وعن الشافعي كالمذهبين، ولنا ما روي من قصة حنظلة، إلى آخر ما بسط في "الأوجز"، وفيه عن "الهداية": وإذا استشهد الجنب غسل عند أبي حنيفة،


(١) "إرشاد الساري" (٣/ ٤٨٧).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٢١٢).
(٣) "أوجز المسالك" (٩/ ٣٦٣)، و"المغني" (٣/ ٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>