للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشمس كالذي يتفق للقمر، وقد سُمي في القرآن بالخاء في القمر، فليكن الذي للشمس كذلك، انتهى.

(٦ - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يخوِّف الله عباده. . .) إلخ

قال الحافظ (١) تحت حديث الباب: فيه رد على من يزعم من أهل الهيئة أن الكسوف أمر عادي لا يتأخر ولا يتقدم، إذ لو كان كما يقولون لم يكن في ذلك تخويف، ويصير بمنزلة الجزر والمد في البحر، وقد ردّ ذلك عليهم ابن العربي وغير واحد من أهل العلم بما في حديث أبي موسى الآتي حيث قال: "فقام فزعًا يخشى أن تكون الساعة"، قالوا: فلو كان الخسوف (٢) بالحساب لم يقع الفزع، ولو كان بالحساب لم يكن للأمر بالعتق والصدقة والصلاة والذكر معنى. ومما نقض ابن العربي وغيره أنهم يزعمون أن الشمس لا تنكسف على الحقيقة، وإنما يحول القمر بينها وبين أهل الأرض عند اجتماعهما في العقدتين. . . إلى آخر ما بسط فيما اعتقدوا من ذلك والرد عليهم، فارجع إليه لو شئت.

قال الحافظ: قال ابن دقيق العيد: وربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله: "يخوِّف الله بهما عباده"، وليس بشيء؛ لأن لله أفعالًا على حسب العادة، وأفعالا خارجة عن ذلك، وقدرته حاكمة على كل سبب، فله أن يقتطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض، وإذا ثبت ذلك، فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة، وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد، وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقها.

وحاصله: أن الذي يذكره أهل الحساب إن كان حقًا في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوفًا لعباد الله تعالى، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٥٣٧).
(٢) وفي "الفتح": "الكسوف".

<<  <  ج: ص:  >  >>