للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الدابة الصعبة كما تخل بالسير وقطع المسافة، فكذلك القطوف البطيء المشي، فلما جاز الركوب عليه جاز على صعبة أيضًا، والاستدلال على ركوب الفحولة من حيث إطلاق اللفظة أو تذكيرها، انتهى.

قلت: ظاهر كلام الشيخ أنه حمل الترجمة على بيان الجواز، وعليه حمل العلَّامة العيني (١).

والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن غرض الإمام البخاري ترغيب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة كما يدل عليه أثر راشد بن سعد: "كان السلف يستحبون الفحولة" ودلالة الرواية عليه بما صار حال فرس أبي طلحة بعد ركوبه - صلى الله عليه وسلم - حتى قال: "وجدناه لبحرًا"، وبهذا اللفظ استدل البخاري على الترجمة، ووجه أفضلية الركوب على الدابة الصعبة أنه دليل على مهارة الراكب بالركوب وتدربه على الفروسية البالغة، ولأجل ذلك كان عمر - رضي الله عنه - يأمر بقطع الركب، وإليه أشار البخاري كما سيأتي قريبًا بـ "باب ركوب الفرس العري"، انتهى من هامش "اللامع" (٢).

[(٥١ - باب سهام الفرس. . .) إلخ]

أي: ما يستحقه الفارس من الغنيمة بسبب فرسه، قاله الحافظ (٣).

والمسألة خلافية شهيرة، فعند الإمام أبي حنيفة للفرس سهم، وعند الأئمة الثلاثة وصاحبي أبي حنيفة للفرس سهمان، وأما قوله: "يسهم للخيل والبراذين" فأيضًا مسألة خلافية بسطت في "الأوجز" (٤)، فبقول مالك المذكور قال الشافعي والحنفية من أن سهم الخيل والبراذين سواء، وعن أحمد في ذلك ثلاث روايات: إحداها: موافقة للجمهور، والثانية: أن للبرذون سهمًا واحدًا، قال الخلّال: تواترت الروايات عن أبي عبد الله في سهام البرذون أنه واحد، والثالثة: أن البراذين إن أدركت إدراك العراب،


(١) "عمدة القاري" (١٠/ ١٨١).
(٢) "لامع الدراري" (٧/ ٢٣٢).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ٦٧).
(٤) "أوجز المسالك" (٩/ ٢٥٠ - ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>