للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذاهب الأئمة الأربعة، فالكراهة عند أحمد، وهو المرجح عند الشافعية، وعن مالك الندب، وعليه أكثر فروع الحنفية، وفي "نور الإيضاح" (١) من كتب فروع الحنفية: الكراهة، واختلف العلماء أيضًا في وجه النهي على ثمانية أقوال، بسطت في "الأوجز" (٢) وهامش "اللامع" (٣).

(٦٤ - باب هل يخص شيئًا من الأيام؟)

قال ابن المنيِّر وغيره: لم يجزم بالحكم؛ لأن ظاهر الحديث إدامته - صلى الله عليه وسلم - العبادة ومواظبته على وظائفها، ويعارضه ما صح عن عائشة نفسها مما يقتضي نفي المداومة، وهو ما أخرجه مسلم عنها: "أنها سئلت عن صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كان يصوم حتى نقول: قد صام، ويفطر حتى نقول: قد أفطر"، وتقدم نحوه قريبًا في البخاري من حديث ابن عباس وغيره، فأبقى الترجمة على الاستفهام لترجح أحد الخبرين أو يتبين الجمع بينهما، ويمكن الجمع بينهما بأن قولها: "كان عمله ديمةً"، معناه أن اختلاف حاله في الإكثار من الصوم ثم من الفطر كان مستدامًا مستمرًا، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوظف على نفسه العبادة، فربما شغله عن بعضها شاغل فيقضيها على التوالي، فيشتبه الحال على من يرى ذلك، فقول عائشة: "كان عمله ديمة" منزل على التوظيف، وقولها: "كان لا تشاء أن تراه صائمًا إلا رأيته" منزل على الحال الثاني، وقيل: معناه أنه كان لا يقصد نفلًا ابتداءً في يوم بعينه فيصومه، بل إذا صام يومًا بعينه كالخميس مثلًا داوم على صومه، انتهى من "الفتح" (٤).

[(٦٥ - باب صوم يوم عرفة)]

أي: ما حكمه؟ وكأنه لم تثبت الأحاديث الواردة في الترغيب في صومه على شرطه، وأصحها حديث أبي قتادة: "أنه يكفِّر سنة آتية وسنة


(١) "نور الإيضاح" (ص ١٣٨).
(٢) "أوجز المسالك" (٥/ ٣٦٥ - ٣٦٧).
(٣) "لامع الدراري" (٥/ ٣٩٠).
(٤) "فتح الباري" (٤/ ٢٣٥ - ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>