للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥٨ - باب قول الله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ. . .} [الأنبياء: ٤٧]) إلخ

قال صاحب "الفيض" (١): يريد أن أفعالنا متميزة من القرآن غاية التمييز حتى إن أفعالهم ينصب لها الميزان، وأما القرآن فمن يزعم أنه يوضع له الميزان، فافترقا من كل وجه، انتهى.

والظاهر أن هذا الباب ردّ على المعتزلة حيث أنكروا الميزان.

قال الحافظ (٢): قال أبو إسحاق الزجاج: أجمع أهل السُّنَّة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان ويميل بالأعمال، وأنكرت المعتزلة الميزان، وقالوا: هو عبارة عن العدل، فخالفوا الكتاب والسُّنَّة؛ لأن الله أخبر أنه يضع الموازين لوزن الأعمال ليرى العباد أعمالهم ممثلة؛ ليكونوا على أنفسهم شاهدين، وقد ذهب بعض السلف إلى أن الميزان بمعنى العدل والقضاء، كما روي عن مجاهد، والراجح ما ذهب إليه الجمهور، وأخرج اللالكائي في "السُّنَّة" عن سلمان: قال: "يوضع الميزان، وله كفتان، لو وضع في أحدهما السموات والأرض ومن فيهن لوسعته"، وعن الحسن قال: "له لسان وكفتان"، انتهى مختصرًا.

وفي "شرح العقائد النسفية" (٣): الوزن حق، والميزان عبارة عما يعرف به مقادير الأعمال، والعقل قاصر عن إدراك كيفيته، وأنكرته المعتزلة، انتهى.

وفي هامشه: قالوا: المراد بالوزن في الآية العدل، وأن ميزان الألوان هو البصر، وميزان الأصوات هو السمع، وميزان المعقولات هو العقل، فلذا ذكر بلفظ الجمع، انتهى.


(١) "فيض الباري" (٦/ ٦١٦).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٥٣٨، ٥٣٩).
(٣) "شرح العقائد النسفية" (ص ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>