للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وما حكى الموفق عن مذهب أبي حنيفة هو المرجح في مذهب مالك أنه يعيد ما دام بمكة، فإن رجع فعليه دم، كما قاله الدسوقي، والبسط في "الأوجز".

[(٧٥ - باب سقاية الحاج)]

قال العيني (١): السقاية بكسر السين ما يبنى للماء، وأما السقاية التي في قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} [التوبة: ١٩] فهو مصدر، والتي في قوله تعالى: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} الآية [يوسف: ٧٠] مشربة الملك، وقال الجوهري: هي الصواع الذي كان الملك يشرب فيه، وقال ابن الأثير: سقاية الحاج ما كانت قريش تسقيه الحاج من الزبيب المنبوذ في الماء وكان يليها عباس بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام، وعن عطاء: سقاية الحاج زمزم، وقال الأزرقي: كان عبد مناف يتحمل الماء في الرَّوايا والقِرَب إلى مكة ويسكبه في حياض من أدم بفناء الكعبة للحاج، ثم فعله ابنه هاشم، ثم عبد المطلب، فلما حفر زمزم كان يشتري الزبيب فينبذه في ماء زمزم، ويسقي الناس، ثم ولي السقاية ولده العباس، فلم يزل بيده حتى قام الإسلام، وأقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه فهي اليوم إلى بني العباس، انتهى.

قلت: في غرض الترجمة عندي وجهان: إما الإشارة إلى بيان مشروعيته في الإسلام، وإن كان من أمر الجاهلية، وإما الإشارة إلى الاختلاف الذي حكاه العيني (٢) إذ قال: قال طاوس: الشرب من سقاية العباس من تمام الحج، وروى ابن أبي شيبة عن السائب بن عبد الله أنه أمر مجاهد مولاه بأن يشرب من سقاية العباس ويقول: إنه من تمام السُّنَّة، وممن شرب منها سعيد بن جبير وأمر به سويد بن غفلة، وعن ابن عمر: أنه لم يكن يشرب من النبيذ في الحج، وكذا روى خالد بن أبي بكر أنه حج مع سالم ما لا يحصى، فلم يره يشرب من نبيذ السقاية، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (٧/ ٢١٢، ٢١٣).
(٢) "عمدة القاري" (٧/ ٢١٥، ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>