للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثمر مع النخل، وكذا بيع الزرع مع الأرض أو بدونها أو بالعكس. وجواب "من" محذوف تقديره: "من باع ثماره. . ." إلخ، جاز بيعه فيها، فدلت هذه الترجمة على أن البخاري يرى جواز بيع الثمرة بعد بدو صلاحها، سواء وجب عليه الزكاة أم لا، وقال ابن بطال: غرض البخاري الرد على الشافعي حيث قال بمنع البيع بعد الصلاح حتى يؤدي الزكاة منها، انتهى.

وزاد الحافظ (١) بعد نقل كلام ابن بطال: وقال أبو حنيفة: المشتري بالخيار ويؤخذ العشر منه ويرجع هو على البائع، وعن مالك: على البائع، إلا أن يشترطه على المشتري وهو قول الليث، وعن أحمد: الصدقة على البائع مطلقًا، انتهى.

[(٥٩ - باب هل يشتري صدقته. . .) إلخ]

اعلم أن هذه الترجمة مشتملة على الجزئين: الأول: قوله: "هل يشتري. . ." إلخ، والثاني: قوله: "لا بأس أن يشتري صدقة غيره. . ." إلخ، وهذا الجزء الثاني لا خلاف في جوازه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المشهور: "لا تحل الصدقة لغني إلّا لخمسة" وفيه: "أو لرجل اشتراها بماله"، وقال العيني في حديث بريرة: "لها صدقة ولنا هدية": فإذا كان هذا جائزًا بغير عوض فبالعوض أجوز، انتهى.

وأما الجزء الأول من الترجمة فالأوجه عندي: أن الإمام البخاري أشار بلفظ الاستفهام إلى اختلاف مشهور في هذه المسألة، قال ابن الملك: ذهب بعض العلماء إلى أن شراء المتصدق صدقته حرام لظاهر هذا الحديث، والأكثرون على أنها كراهة تنزيه لكون القبح فيه لغيره، وهو أن المتصدق عليه ربما يسامح للمتصدق في الثمن فيكون كالعائد في صدقته في ذلك المقدار الذي سومح فيه، قال النووي: الكراهة في الشراء، أما إذا ورثه أو انتقل إلى ثالث ثم اشتراه منه المتصدق فلا كراهة فيه، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، انتهى من هامش "اللامع" (٢).


(١) "فتح الباري" (٣/ ٣٥٢).
(٢) "لامع الدراري" (٥/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>