للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذبح بالحرم، ويواعده أن يذبحه يوم كذا، فإذا جاء ذلك يحل في مقام الحصر، ويقضي من قابل، ودم الإحصار لا يتقيد عندنا بالزمان فيجوز ذبحه قبل يوم النحر، وإن تقيد بالمكان فلا يذبحه إلا في الحرم، وقال الشافعية: إن الإحصار مختص بالعدو، ولا يتقيد دم الإحصار عندهم بالمكان أيضًا، ولا يجب عليه القضاء، وأصل النزاع في عمرة الحديبية، فقال الأحناف: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضاها من قابل، ولذا سميت عمرة القضاء، على أنّ في السير أنه نادى في الناس عند خروجه لعمرة القضاء: أن يذهب معه كل من كان رافقه في عمرة الحديبية. وقال الحجازيون: القضاء فيه بمعنى الصلح، سميت به لأنه صالحهم عليها من قابل، وليس مقابلًا للأداء.

ثم إن الشافعية لما لم يكن عندهم الإحصار بالمرض اضطروا إلى إِقامة باب آخر وهو الاشتراط في الحج، فالمريض عندهم يهل ويشترط: اللهم محلي حيث حبستني، والحنفية لما عمموا الإحصار استغنوا عن هذا الباب، ووافقنا البخاري على ذلك أيضًا، فلم يخرج حديث الاشتراط في "كتاب الحج"، وأخرجه في "كتاب النكاح"، انتهى.

وقال العيني (١): مذهب أبي حنيفة: أن دم الإحصار يتوقف بالحرم [وهو المكان] لا بيوم النحر [وهو الزمان] لإطلاق النص، وعند أبي يوسف ومحمد يتوقف بالزمان والمكان، وهذا الخلاف في المحصر بالحج، وأما دم المحصر بالعمرة فلا يتوقف بالزمان بلا خلاف بينهم، انتهى.

[(١ - باب إذا أحصر المعتمر)]

قيل: الغرض منه الرد على من قال: التحلل بالإحصار خاص بالحاج، بخلاف المعتمر فلا يتحلل بذلك بل يستمر على إحرامه حتى يطوف بالبيت؛ لأن السَّنَة كلها وقت للعمرة فلا يخشى فواتها بخلاف الحج، وهو محكي عن مالك، كذا في "الفتح" (٢).


(١) "عمدة القاري" (٧/ ٤٥٦).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>