للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٢ - باب لبن الفحل)]

قال القسطلاني (١): بفتح الفاء وسكون الحاء المهملة: الرجل، أي: هل يثبت حرمة الرضاع بينه وبين الرضيع ويصير ولدًا له أم لا؟ ونسبة اللبن إليه مجاز لكونه سببًا فيه، ثم قال بعد حديث الباب: وفيه دليل على أن لبن الفحل يحرم حتى تثبت الحرمة في جهة صاحب اللبن كما تثبت في جانب المرضعة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت عمومة الرضاع وألحقها بالنسب لأن سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معًا، فوجب أن يكون الرضاعه منهما، ولذا أشار ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بقوله: المروي عند ابن أبي شيبة: اللقاح واحد، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وصاحبيه ومالك وأحمد كجمهور الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، وقال قوم منهم ربيعة الرأي وابن علية وابن بنت الشافعي وداود وأتباعه: الرضاعة من قبل الرجل لا تحرم شيئًا، واحتج بعضهم لذلك بأن اللبن لا ينفصل من الرجل، وإنما ينفصل من المرأة فكيف تنتشر الحرمة إلى الرجل؟ وأجيب بأنه قياس في مقابلة النص، فلا يلتفت إليه، وهذا الحديث سبق في كتاب الشهادة، انتهى.

وقال الحافظ (٢): وفي الحديث أن لبن الفحل يحرم فتنتشر الحرمة لمن ارتضع الصغير بلبنه فلا تحل له بنت زوج المرأة التي أرضعته من غيرها مثلًا.

ثم قال الحافظ بعد ذكر من قال بهذه المسألة: وحجتهم في ذلك قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣]، ولم يذكر العمة ولا البنت كما ذكرهما في النسب، وأجيبوا بأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه، ولا سيما وقد جاءت الأحاديث الصحيحة، وحجة الجمهور حديث الباب، انتهى مختصرًا.


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٤٣٨، ٤٣٩).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>