للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهموا أن الحديث حجة لهم في المسألة الثانية أيضًا، فإن أقصى ما يدل عليه الحديث لغةً هو أن رضا الولي وشركته أمر ضروري وأن النكاح لا يكون إلا بشهوده، سواء لحقته إجازة سابقة أو لاحقة، وسواء صدر النكاح من عبارة المولية أو وليها، فالحديث إن كان حجة ففي المسألة الأولى، وأما المسألة الثانية فلا مساس له بها، إلى آخر ما بسط الكلام على المسألة وفي ترجيح مسلك الحنفية أشد البسط.

[(٣٧ - باب إذا كان الولي هو الخاطب)]

قال الحافظ (١) - رحمه الله -: أي: هل يزوج نفسه أو يحتاج إلى ولي آخر، قال ابن المنيِّر: ذكر في الترجمة ما يدل على الجواز والمنع معًا ليكل الأمر في ذلك إلى نظر المجتهد، كذا قال، وكأنه أخذه من تركه الجزم بالحكم، لكن الذي يظهر من صنيعه أنه يرى الجواز فإن الآثار التي فيها أمر الولي غيره أن يزوجه ليس فيها التصريح بالمنع من تزويجه نفسه، وقد أورد في الترجمة أثر عطاء الدالّ على الجواز، وإن كان الأولى عنده أن لا يتولى أحد طرفي العقد، وقد اختلف السلف في ذلك فقال الأوزاعي وربيعة والثوري ومالك وأبو حنيفة وأكثر أصحابه: يزوج الولي نفسه، وعن مالك: لو قالت الثيب لوليها: زوجني بمن رأيت، فزوّجها من نفسه أو ممن اختار لزمها ذلك ولو لم تعلم عين الزوج، وقال الشافعي: يزوجهما السلطان أو ولي آخر مثله أو أقعد منه، ووافقه زفر وداود، وحجتهم أن الولاية شرط في العقد فلا يكون الناكح منكحًا كما لا يبيع من نفسه، انتهى.

وقال القسطلاني (٢): قوله: "إذا كان الولي هو الخاطب" كابن العم هل يزوج نفسه أو يزوجه ولي غيره، اختلف في ذلك فقال الشافعية: إذا أراد الولي تزويجها كابن العم لم يتول الطرفين فيزوجه من في درجته كابن عم آخر، فإن لم يكن زوّجه القاضي فإن أراد القاضي تزويجها زوّجه قاض


(١) "فتح الباري" (٩/ ١٨٨).
(٢) "إرشاد الساري" (١١/ ٤٧٥ - ٤٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>