للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١ - باب قوله: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية [الحجرات: ٢])

سقط لفظ "باب" في نسخة "القسطلاني"، ولأبي ذر: "باب {لَا تَرْفَعُوا} الآية". ثم قال (١) في تفسير الآية: أي إذا كلمتموه لأنه يدل على قلة الاحتشام وترك الاحترام، ومن خشي قلبه ارتجف وضعفت حركته الدافعة فلا يخرج منه الصوت بقوة ومن لم يخف بالعكس، وليس المراد بنهي الصحابة عن ذلك أنهم كانوا مباشرين ما يلزم منه الاستخفاف والاستهانة، كيف وهم خير الناس؟ بل المراد أن التصويت بحضرته مباين لتوقيره وتعزيره، انتهى.

قال الحافظ (٢) في شرح الحديث: قوله: "فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} الآية [الحجرات: ٢] " في رواية ابن جريج: "فنزلت {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] إلى قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات: ٥] " وقد استشكل ذلك، قال ابن عطية: الصحيح أن سبب نزول هذه الآية كلام جفاة الأعراب، قلت: لا يعارض ذلك هذا الحديث فإن الذي يتعلق بقصة الشيخين في تخالفهما في التأمير هو أول السورة: {لَا تُقَدِّمُوا} ولكن لما اتصل بها قوله: {لَا تَرْفَعُوا} تمسك عمر منها بخفض صوته، وجفاة الأعراب الذين نزلت فيهم هم من بني تميم والذي يختص بهم قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: ٤] قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء الحجرات فقال: يا محمد إن مدحي زين، وإن شتمي شين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك الله - عز وجل -" ونزلت، قلت: ولا مانع أن تنزل الآية لأسباب تتقدمها فلا يعدل للترجيح مع ظهور الجمع وصحة


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٩٠).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٥٩١، ٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>