للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب "الجمل" (١): واختلف العلماء في تأويل هذه الآية وأصح ما قيل فيها التوسعة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ترك القسم فكان لا يجب عليه القسم بين زوجاته، وهذا القول هو الذي ثبت معناه في "الصحيح" عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فذكر حديث الباب، انتهى.

وفي حاشية أبي داود: والمذهب عند الحنفية أنه لم يكن القسم واجبًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لقوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ} الآية، وبذلك صرَّح الشامي أن القسم لم يكن واجبًا عليه، انتهى.

وكذا حكى ابن كثير مذهب طائفة من الفقهاء الشافعية، وبسط البجيرمي الشافعي في حاشية "شرح الإقناع" الاختلاف بين الشافعية في ذلك، وهكذا صرَّح الدردير المالكي بعدم وجوب القسم وهو الراجح في مذهبهم، كما صرَّح به الزرقاني في "شرح المواهب" وقال في موضع آخر: وبه جزم الأصطخري من الشافعية، وصححه الغزالي في "الخلاصة"، واقتصر عليه في "الوجيز"، والبلقيني والسيوطي، وهو المختار للأدلة الصريحة الصحيحة، انتهى من هامش "اللامع".

(٨ - باب قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: ٥٣]

قوله: (يقال: {إِنَاهُ}: إدراكه، أنى يأني أناة. . .) إلخ، قال الحافظ (٢): أنى بفتح الألف والنون مقصور، ويأني بكسر النون، وأناة بفتح الهمزة والنون مخففًا وآخره هاء تأنيث بغير مدّ: مصدر، قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: ٥٣] أي: إدراكه وبلوغه، ويقال: أنى يأنى أنيًا، أي: بلغ وأدرك، وقوله: أنيًا بفتح الهمزة وسكون النون مصدر أيضًا، وقرأ الأعمش وحده "آناه" بمد أوله بصيغة الجمع مثل


(١) "الفتوحات الإلهية" (٣/ ٤٤٧).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٥٢٨ - ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>