للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣٣ - باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب)]

أي: هل يفترق الحكم أو لا؟ وكأنه ترك الجزم بذلك لقوة الاختلاف، وقد تقدم في الطهارة ما يدل على أنه يختار أنه لا ينجس إلا بالتغير، ولعل هذا هو السرّ في إيراد طريق يونس المشعرة بالتفصيل، قاله الحافظ (١).

ثم قال تحت حديث الباب: واستدل بهذا الحديث لإحدى الروايتين عن أحمد: أن المائع إذا حلّت فيه النجاسة لا ينجس إلا بالتغير، وهو اختيار البخاري وقول ابن نافع من المالكية وحكي عن مالك. وفرق الجمهور بين المائع والجامد، وقد تمسك ابن العربي بقوله: "وما حولها" على أنه كان جامدًا، قال: لأنه لو كان مائعًا لم يكن له حول، وأما ذكر السمن والفأرة فلا عمل بمفهومهما، وجمد ابن حزم على عادته فخصّ التفرقة بالفأرة فلو وقع غير جنس الفأرة من الدواب في مائع لم ينجس إلا بالتغير، انتهى من "الفتح".

وبسط الكلام على المسألة في "الأوجز" (٢) وفيه: قال الحافظ: أخذ الجمهور بحديث معمر الدال على التفرقة بين الجامد والذائب، ونقل ابن عبد البر الاتفاق على أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه إذا تحقق أن شيئًا من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك، وأما المائع فاختلفوا فيه؟ فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله بملاقاة النجاسة، وخالف فريق منهم الزهري والأوزاعي، انتهى.

قال العلامة العيني: ويقاس على السمن الجامد نحو العسل والدِّبْس إذا كان جامدًا، وأما المائع فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله قليلًا كان


(١) "فتح الباري" (٩/ ٦٦٨، ٦٧٠).
(٢) "أوجز المسالك" (١٧/ ٣١٢ - ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>