للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥٩ - التاسع والخمسون: الإشارة إلى مبدأ الحكم]

ما ظهر لهذا الفقير إلى مغفرة ربه أن الإمام البخاري كثيرًا ما يذكر في مبدأ الكتاب ما يدل على مبدأ الحكم المذكور في الكتاب، كما قال في مبدأ "كتاب الصلاة": "باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء"، وقال ابن عباس: حدثني أبو سفيان في حديث هرقل. . . إلخ، قال الحافظ (١): وفيه إشارة إلى أن الصلاة فرضت بمكة قبل الهجرة؛ لأن أبا سفيان لم يلق النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة إلى الوقت الذي اجتمع فيه بهرقل لقاءً يتهيأ له معه أن يكون آمرًا له بطريق الحقيقة، انتهى.

وترجم الإمام البخاري في مبدأ "كتاب الوضوء": "باب ما جاء في قوله الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦] "، وبسط الحافظ الاختلاف الكثير في تفسير الآية ومبدأ حكم الوضوء، وقال في ذيل ذلك: وتمسَّك بالآية من قال: إن الوضوء أول ما فرض بالمدينة، إلى آخر ما بسطه (٢)، وترجم "كتاب التيمم"، وذكر فيه حديث بدء التيمم مفصَّلًا.

وترجم في مبدأ "كتاب الجمعة": "باب فرض الجمعة لقول الله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ} الآية [الجمعة: ٩] "، قال الحافظ (٣): استدلال البخاري بهذه الآية على فرضية الجمعة سبقه إليه الشافعي في "الأم"، واختلف في وقت فرضيتها، فالأكثر على أنها فرضت بالمدينة، وهو مقتضى ما تقدم أن فرضيتها بالآية المذكورة وهي مدنية، انتهى.

قلت: وهذا وإن كان مخالفًا للحنفية، فإنها فرضت عندهم بمكة، لكن الإمام البخاري ليس بمقلد للحنفية، فإشارته بتلك الآية إلى ما هو المختار عنده واضح.


(١) "فتح الباري" (١/ ٤٦٠).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١/ ٢٣٢).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>