للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: هكذا نقل مذهب مالك عامة نقلة المذاهب من شرَّاح الحديث والفقه، وهكذا في "الهداية" (١)، ففيه: وقال مالك: لا تحقق لأنها لا تتوقت، انتهى.

وما يظهر لهذا العبد الفقير أن النقل عن مالك ليس بصحيح، لا يوافقه ما في كتب فروعه، بل عامتها مصرحة بصحة الحصر عن العمرة، إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع" (٢).

وقوله: (عن عكرمة قال: فقال ابن عباس) قال الحافظ (٣): هكذا رأيته في جميع النسخ وهو يقتضي سبق كلام يعقبه قوله: "فقال ابن عباس"، ولم ينبه عليه أحد من شراح هذا الكتاب ولا بيَّنه الإسماعيلي ولا أبو نعيم؛ لأنهما اقتصرا من الحديث على ما أخرجه البخاري، وقد بحثت عنه إلى أن يسَّر الله بالوقوف عليه، فقرأت في "كتاب الصحابة" لابن السكن، فذكر الحافظ حديثًا طويلًا فارجع إليه لو شئت.

[(٢ - باب الإحصار في الحج)]

قال الحافظ (٤): قال ابن المنيِّر: أشار به إلى أن الإحصار في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما وقع في العمرة، فقاس العلماء الحج على ذلك، وهو من الإلحاق لنفي الفارق وهو من أقوى الأقيسة.

قال الحافظ: وهذا مبني على أن مراد ابن عمر بقوله: "سُنَّة نبيكم" قياس من يحصل له الإحصار وهو حاج على من يحصل له في الاعتمار؛ لأن الذي وقع له - صلى الله عليه وسلم - هو الإحصار عن العمرة، ويحتمل أن يكون ابن عمر أراد بقوله: "سُنَّة نبيكم" وبما بيَّنه بعد ذلك شيئًا سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق من لم يحصل (٥) له ذلك وهو حاج، والله تعالى أعلم، انتهى.


(١) "الهداية" (٢/ ٤٧٤).
(٢) "لامع الدراري" (٥/ ٢٨١، ٢٨٢).
(٣) "فتح الباري" (٤/ ٧).
(٤) "فتح الباري" (٤/ ٨).
(٥) كذا في الأصل، والصواب على الظاهر يحصل بحذف "لم"، (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>