للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥ - باب قوله: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} [الكهف: ١٠٣])

قال الحافظ (١): قوله: (هم الحرورية) بفتح المهملة وضم الراء نسبة إلى حروراء وهي القرية التي كان ابتداء خروج الخوارج على علي - رضي الله عنه - منها، ولابن مردويه من طريق حصين بن مصعب: لما خرجت الحرورية قلت لأبي: أهؤلاء الذين أنزل الله فيهم؟ وله من طريق قاسم بن أبي بَزَّة عن أبي الطفيل عن علي في هذه الآية قال: أظن أن بعضهم الحرورية، وللحاكم من وجه آخر عن أبي الطفيل قال: قال علي: منهم أصحاب النهروان وذلك قبل أن يخرجوا، وأصله عند عبد الرزاق بلفظ: قام ابن الكواء إلى علي فقال: ما الأخسرين أعمالًا؟ قال: ويلك منهم أهل حروراء، ولعل هذا هو السبب في سؤال مصعب أباه عن ذلك، وليس الذي قاله علي - رضي الله عنه - ببعيد؛ لأن اللفظ يتناوله وإن كان السبب مخصوصًا، انتهى.

قوله: (وكان سعد يسميهم الفاسقين) والصواب الخاسرين، ووقع على الصواب كذلك عند الحاكم، ووجه خسرانهم أنهم تعبدوا على غير أصل فابتدعوا فخسروا الأعمار والأعمال، وعن علي: أنهم كفره أهل الكتاب كان أوائلهم على حق فأشركوا بربهم وابتدعوا في دينهم، وقيل: هم الصابئون، وقيل: المنافقون بأعمالهم المخالفون باعتقادهم، وهذه الأقوال كلها تقتضي التخصيص بغير مخصص، والذي يقتضيه التحقيق أنها عامة، فأما قول علي: أنهم الحرورية، فمعناه أن الآية تشملهم كما تشمل أهل الكتابين وغيرهم، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص لأنها مكية قبل خطاب أهل الكتاب ووجود الحرورية، وإنما هي عامة في كل من دان بدين غير الإسلام، انتهى من "القسطلاني" (٢).


(١) "فتح الباري" (٨/ ٤٢٥).
(٢) "إرشاد الساري" (١٠/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>