للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عثر الشيخ خليل أحمد السهارنفوري على نسخة خطية لـ "مصنَّف عبد الرزاق"، فأراد أن يشتريها فطلب صاحبها ثمنًا باهظًا؛ فتركها الشيخ خليل أحمد لعدم وجود نقود كافية لشرائها، فلما عرف الشيخ محمد زكريا هذا طلب من صاحب المخطوطة السماح بنسخها فأجازه؛ لأنه رأى أنه لم يبق للسفر - أي: للرجوع إلى الهند - إلا عشرة أيام تقريبًا، فهم لا يستطيعون نسخها، فأخذ الشيخ المخطوطة إلى مقره وجعل ينقل هذه المخطوطة، وشاركه بعض زملائه حتى أنهم أكملوا نسخها ومراجعتها كاملة خلال عشرة أيام، فتعجب الشيخ السهارنفوري من علو همة تلميذه ونباهته وجهده، ودعا له (١).

ثم سافر للحج في شوال سنة ١٣٤٤ هـ في رفقة الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أيضًا، واستفاد من شيخه في هذا السفر الميمون، وهنا تم تأليف كتاب "بذل المجهود" الذي صبَّ فيه الشيخ السهارنفوري مهجة نفسه، وعُصارة عمله، وحصيلة دراسته، ثم توفي في الحجاز سنة ١٣٤٦ هـ ودفن في البقيع.

وفي المدينة المنورة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، بدأ الشيخ بتأليف كتابه "أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك"، وهو في التاسعة والعشرين من عمره (٢). وقد تشرف الشيخ محمد زكريا بزيارة الحرمين الشريفين أكثر من مرة، وكان لذلك أكبر الأثر في تكوين شخصيته.

[أعماله اليومية]

رتَّب الشيخ أوقاته وحافظ عليها بكل دقة وشدة، حيث كان يستيقظ قبل أذان الفجر بساعة ويشتغل بالتهجد والتلاوة، ثم يصلّي صلاة الفجر، وبعد الصلاة يشتغل بحزبه وورده حتى الشروق، ثم يخرج إلى بيته، ويجلس


(١) انظر: "آب بيتي" (٤/ ٢٣٤).
(٢) انظر: "شخصيات وكتب" لأبي الحسن الندوي (ص ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>