للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووضع الرجل على الرجل الذي نهى عنه في حديث آخر، فإما أن يقال: إن هذا ناسخ للنهي، أو يقال: إن النهي محمول على ما إذا كان الإزار ضيِّقًا يخاف انكشاف العورة، انتهى.

وكتب الشيخ في "اللامع" (١): قصد بذلك أن ما ورد من النهي عن الاستلقاء في المسجد فإنما هو معلول بكشف الستر، فإذا أمن منه فلا ضير فيه، انتهى.

قلت: والأوجه عندي: أن الإمام البخاري أشار بقوله: ومد الرجل في الترجمة كما في نسخة إلى ما اختاره الشيخ في "البذل" (٢) أن وضع الرجل على الرجل وهو مستلق على نوعين: إما أن تكون الرجلان ممدودتين ومبسوطتين على الأرض، فيضع إحداهما على الأخرى، ففي هذه الصورة مأمون عن التكشف، وإما أن تكون إحدى الرجلين مقبوضة ويضع الرجل الأخرى على ركبة الرجل المقبوضة، فعلى هذا إذا كان لابسًا الإزار يحتمل أن تنكشف عورته، فالنهي محمول على هذه الهيئة، وأما إذا كان عليه سراويل، فلا يحتمل كشف العورة فيجوز، انتهى.

فالحاصل: أن الشرَّاح ذهبوا في ذلك إلى أقوال خمسة، الأول: أنه منسوخ، والثاني: أن النهي إذا خشي كشف العورة، والجواز عند الأمن منه، وهو مختار الحافظ، والثالث: أن النهي عند مجتمع الناس والجواز في الخلوة، والرابع: النهي عند ضيق الإزار والإباحة عند سعتها، وهو مختار شيخ المشايخ، والخامس: مختار شيخنا في "البذل" كما تقدم وهو مختار الإمام البخاري عند هذا الفقير، انتهى من هامش "اللامع" مختصرًا.

[(٨٦ - باب المسجد يكون في الطريق. . .) إلخ]

كتب الشيخ في "اللامع" (٣): أراد بذلك إثبات أن المسجد حق العامة


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٣٦٦).
(٢) "بذل المجهود" (١٣/ ٢٨١).
(٣) "لامع الدراري" (٢/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>