للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر فيه حديث جبير بن مطعم (١): "لو كان المطعم حيًّا. . ." إلخ، قال ابن بطال (٢): وجه الاحتجاج به أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز في حقه أن يخبر عن شيء لو وقع لفعله وهو غير جائز، فدل على أن للإمام أن يمن على الأسارى بغير فداء خلافًا لمن منع ذلك كما تقدم، واستدل به على أن الغنائم لا يستقر ملك الغانمين عليها إلا بعد القسمة، وبه قال المالكية والحنفية، وقال الشافعي: يملكون بنفس الغنيمة، والجواب عن حديث الباب أنه محمول على أنه كان يستطيب أنفس الغانمين، وليس في الحديث ما يمنع ذلك.

ثم قال الحافظ: والذي يظهر أن هذا كان باعتبار ما تقدم في أول الأمر أن الغنيمة كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - يتصرف فيها حيث شاء، وفرض الخمس إنما نزل بعد قسمة غنائم بدر كما تقرر، فلا حاجة إذن في هذا الحديث لما ذكرنا، انتهى.

وفي "الفيض" (٣) تحت هذا الباب: وهذه أيضًا ناظرة إلى مذهب مالك، فإنه إذا مَنَّ عليهم ولم يأخذ منهم الخمس دلَّ على كونه إلى رأي الإمام، انتهى.

[(١٧ - باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام. . .) إلخ]

هذه هي الترجمة الرابعة من التراجم الأربعة المشار إليها قبل قوله: "وقال عمر بن عبد العزيز: لم يعمهم بذلك. . ." إلخ، يعني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعط من ذي قرابته كله، بل قسم لبني المطلب وبني هاشم فقط، ثم لم يعط منهم كلهم أيضًا، بل أعطى بعضًا دون بعض، فدل على أن ما ذكر في القرآن إنما هو مصارف له فقط، دون مستحقيه.


(١) قال الحافظ في "التغليق" (٣/ ٤٧٧): ليس فيه ذكر صدور المن منه، بل فيه جوازه، وقد وقع ذلك مصرحًا في حديث رواه المصنف من حديث أبي هريرة في كتاب المغازي، باب (٧٠)، (ح: ٤٣٧٢) في قصة ثمامة بن أثال.
(٢) "شرح ابن بطال" (٥/ ٣٠٤).
(٣) "فيض الباري" (٤/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>