للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغسل وبين من تمادى، والشافعي أشد موافقةً للحديث؛ لأن السائل كان غير عارف بالحكم وقد تمادى، ومع ذلك لم يؤمر بالفدية، وقول مالك فيه الاحتياط.

وأما قول الكوفيين - وهو وجوب الفدية مطلقًا - مخالف لهذا الحديث، وأجاب ابن المنيِّر بأن الوقت الذي أحرم فيه الرجل في الجبة كان قبل نزول الحكم، ولهذا انتظر النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي قال: ولا خلاف أن التكليف لا يتوجه على المكلف قبل نزول الحكم، فلهذا لم يؤمر الرجل بفدية عما مضى، بخلاف من لبس الآن جاهلًا فإنه جهل حكمًا استقر وقصر في علم ما كان عليه أن يتعلمه لكونه مكلفًا به، انتهى.

قلت: ذكر الحافظ مذاهب الأئمة الثلاثة، ولم يذكر مذهب الحنابلة، ففي المسألة عنهم روايتان مثل مذهبنا والشافعية، كما في "الأوجز" (١).

[(٢٠ - باب المحرم يموت بعرفة. . .) إلخ]

قال القسطلاني (٢): قوله: "بقية الحج" أي: كرمي الجمار والحلق وطواف الإفاضة، وإنما لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يؤدى عنه بقية الحج؛ لأنه مات قبل التمكن من أداء بقيته، فهو غير مخاطب به كمن شرع في صلاة مفروضة أول وقتها فمات في أثنائها؛ فإنه لا تبعة عليه فيها إجماعًا، انتهى.

وسكت الحافظان ابن حجر والعيني عن المسألة واختلاف الأئمة فيه.

وكتب الشيخ في "اللامع": ولعل المؤلف أشار بالترجمة إلى ما هو الصحيح من مذهب الحنفية أن من وجب عليه الحج، فحج من عامه؛ فإنه لو مات قبل إتمامه لا يجب عليه إيصاء إتمامه، فأما لو وجبت عليه الحجة ولم يحج إلا بعد انقضاء ذلك العام الذي وجب فيه الحج، ثم مات ولم يتم حجه؛ فإنه يجب عليه الإيصاء بإتمام حجه من ماله، ولعل المسألة


(١) "أوجز المسالك" (٦/ ٣٧١).
(٢) "إرشاد الساري" (٤/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>