للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة كتابًا في الحيل، كان فيه يفتي الناس للتحلل من الأحكام الشرعية والقيود الفقهية، حتى لقد روي أن عبد الله بن المبارك قال: "من كان عنده "كتاب الحيل" لأبي حنيفة يستعمله أو يفتي به فقد بطل حجه وبانت منه امرأته"، ثم ردّ على هذا، وقال أيضًا: ويسقط دعوى التأليف أن عبد الله بن المبارك الذي يروون عنه هذا القول كان من تلاميذ أبي حنيفة الذين يقدرونه حق قدره، وأنه هو الذي بيّن آراء أبي حنيفة وقيمتها ومكانه من الفقه للأوزاعي بالشام، وإذا كان الأمر كذلك، فنسبته ذلك القول إليه غير صحيحة، وبذلك تنهار دعوى أن لأبي حنيفة كتابًا اسمه "كتاب الحيل"، نعم وجدنا أن لمحمد تلميذ الإمام أبي حنيفة كتابًا في "الحيل" يغلب على الظن أنه روى فيه ما كان يخرج به ذلك الإمام الأحكام تسهيلًا على الناس. حتى لا يكونوا في حرج، ثم حقق أن نسبة هذا الكتاب إلى محمد رحمه الله تعالى كيف هي، فإنه قد اختلف فيه أيضًا، فارجع إليه لو شئت.

[(١ - باب في ترك الحيل)]

قال الحافظ (١): قال ابن المنيِّر: أدخل البخاري الترك في الترجمة لئلا يتوهم من الترجمة الأولى إجازة الحيل، إلى آخر ما ذكره.

قال الحافظ: قلت: وإنما أطلق أولًا للإشارة إلى أن من الحيل ما يشرع، فلا يترك مطلقًا.

قوله: (وإنما لكل امرئ ما نوى في الأيمان وغيرها)، قال الحافظ: قوله: "في الأيمان وغيرها" من تفقه المصنف لا من الحديث، قال ابن المنيِّر: اتسع البخاري في الاستنباط، والمشهور عند النظار حمل الحديث على العبادات، وحمله البخاري عليها وعلى المعاملات، ثم قال: والاستدلال بهذا الحديث على سدّ الذرائع وإبطال التحيل من أقوى الأدلة، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>