للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: دفع الشيخ بذلك ما يوهمه ظاهر لفظ الحديث من أن مدار الرخصة مجموع العلل الثلاثة من الظلمة، والسيل، والعمى، مع أن هذه الثلاثة كل واحد منها علة مستقلة في الرخصة عند الفقهاء كما بسطها أصحاب الفروع، ثم بسط في الأعذار المسقطة للجماعة.

[(٤١ - باب هل يصلي الإمام بمن حضر؟. . .) إلخ]

غرض الترجمة واضح، وهو أن ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا في الرحال"، ليس على الإيجاب بل على الإباحة، وبنحو ذلك قال جميع الشرَّاح.

وفي "تراجم شيخ المشايخ" (١): مقصوده أنه يترك الجماعة والخطبة لعذر المطر أو هل يصلي بالجماعة ويخطب بمن حضر ولو كانوا قليلًا؟ انتهى.

قلت: بقي ههنا شيء لم يتعرض له أحد منهم وهو أن المصنف لم قيد الترجمة بلفظة "هل" الدالة على التردد؟

والأوجه عندي: أنه أشار بذلك إلى مسألة خلافية شهيرة وهي أن أصحاب الأعذار المرخصة للجماعة والجمعة هل تنعقد معهم الجمعة وهل يعتبر بمحضرهم الخطبة أم لا؟ ولذا قارن الإمام البخاري الصلاة بالخطبة، قال الموفق: ما كان شرطًا لوجوب الجمعة فهو شرط لانعقادها، فمتى صلوا جمعة مع اختلال بعض شروطها لم يصح ولزمهم أن يصلوا ظهرًا وحكي عن مالك: أنه كان لا يجعل المطر عذرًا في التخلف عنها، وقال أبو حنيفة والشافعي: يجوز أن يكون العبد والمسافر إمامًا فيها ووافقهم مالك في المسافر، فأما المريض ومن حبسه العذر من المطر والخوف، فإذا تكلف حضورها وجبت عليه وانعقدت به، ويصح أن يكون إمامًا فيها لأن


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>