للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٤٦ - باب إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها)]

قال القسطلاني (١) تحت شرح حديث الباب: قال الداودي: يريد ما كان من الشيطان، وأما ما كان من خير أو شر فهو واقع لا محالة، كرؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - البقر والسيف، قال: وقوله: "ولا يذكرها لأحد" يدل على أنها إن ذكرت فربما أضرت، فإن قلت: قد مرّ أن الرؤيا قد تكون منذرة ومنبهة للمرء على استعداد البلاء قبل وقوعه رفقًا من الله بعباده لئلا يقع على غرة، فإذا وقع على مقدمة وتوطين كان أقوى للنفس وأبعد لها من أذى البغتة، فما وجه كتمانها؟ أجيب بأنه إذا أخبر بالرؤيا المكروهة يسوء حاله؛ لأنه لم يأمن أن تفسر له بالمكروه، فيستعجل الهم ويتعذب بها، ويترقب وقوع المكروه فيسوء حاله، ويغلب عليه اليأس من الخلاص من شرها، ويجعل ذلك نصب عينيه إلى آخر ما ذكر.

[(٤٧ - باب من لم ير الرؤيا الأول عابر إذا لم يصب)]

وفي "تقرير مولانا محمد حسن المكي": إشارة إلى ضعف ما روي "الرؤيا لأولى عابر"، قال الأستاذ: تأويله أن استقرار القلب على أحد الجانبين لأول عابر، انتهى.

وبسط الكلام على ذلك الحافظ في "الفتح" (٢) ولخصه القسطلاني (٣) إذ قال: قوله: "إذا لم يصب" أي: في العبارة إذ المدار على إصابة الصواب، فحديث "الرؤيا لأول عابر" المروي عن أنس مرفوعًا معناه: إذا كان العابر الأول عالمًا فعبّر وأصاب وجه التعبير وإلا فهي لمن أصاب بعده، لكن يعارضه حديث أبي رزين: "أن الرؤيا إذا عبرت وقعت" إلا أن يدعى تخصيص عبّرت بأن يكون عابرها عالمًا مصيبًا، انتهى من هامش "اللامع" (٤).


(١) "إرشاد الساري" (١٤/ ٥٥٦).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٤٣٢، ٤٣٣).
(٣) "إرشاد الساري" (١٤/ ٥٥٧).
(٤) "لامع الدراري" (١٠/ ٢٤٥، ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>