للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا ذكر الاختلاف فيه غير الحنفية أيضًا، قال الموفق (١): فعلى قول الخرقي: تُشَدُّ الخرقة على فخذيها أولًا، ثم تؤزّر بمئزر،. . . إلخ.

فالأوجه عندي أن الإمام البخاري نَبَّهَ بلفظ "كيف" على الاختلاف، فلا بد للتدبر في الأبواب المبدوءة بلفظ "كيف" من الوقوف على اختلاف العلماء في كيفية هذه الأمور، واختلاف الأئمة المجتهدين - رحمهم الله وشكر سعيهم - وخاطري أبو عذرة هذا الأصل.

[٥٢ - الثاني والخمسون: إثبات الأبواب العديدة بحديث واحد]

ما ظهر أيضًا لهذا الفقير المحتاج إلى رحمة ربه العليا، أن الإمام البخاري طالما يجمع الأبواب العديدة، ويأتي بعد تلك الأبواب بحديث واحد يُثبت الأبواب السابقة كلها، ويفعل ذلك تشحيذًا للأذهان.

ومن لم يُمعن النظر في ذلك يعدّ الأبواب السابقة خالية عن الحديث، ويأتي لذلك بتوجيهات بعيدة، كسهو المؤلف، أو عدم وجدانه للحديث، أو تحريف من الناسخ، وغير ذلك من التوجيهات العامة المعروفة.

ومثال ذلك: أنه رحمه الله تعالى ترجم بـ "باب الرياء في الصدقة"، ثم ترجم بـ "باب لا يقبل الله صدقة من غُلول، ولا يقبل إلا من كسب طيب"، ثم ترجم بـ "باب الصدقة من كسب طيب"، ولم يذكر حديثًا في الأولين، وذكر في الثالث؛ ولم يتعرض لذلك الشرَّاح إلا بقولهم: تخلو الترجمة عن الحديث، اقتصارًا على الاستدلال بالآية، انتهى، وهذا الذي اختاره شيخ الهند قُدِّس سرُّه في الأصل التاسع من أصوله، وتقدم في الأصل السابع والعشرين من هذه الأصول.

والأوجه عندي أن الإمام البخاري رحمه الله تعالى، أثبت بالحديث


(١) "المغني" (٣/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>