للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شيخ المشايخ في "التراجم" (١): أظهر تأويلات هذه الترجمة أن يقال: إن قوله: "إذا رأوا الإمام" جواب "متى" يعني: يقومون إذا رأوا الإمام عند الإقامة، انتهى.

ولا مراء في أن ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه أقرب مما قالت الشرَّاح في ذلك.

وعند هذا المبتلى بالسيئات، والمعترف بالتقصيرات، الراجي واهب الحسنات بدل السيئات، أن لفظ "متى" ليس للإثبات حتى يحتاج إلى التوجيهات، بل الترجمة "يقوم الناس. . ." إلخ، وزاد لفظ "متى" كزيادة لفظ "كيف" تنبيهًا على الاختلاف الوارد في أنهم متى يقومون؟ مع الإقامة ومع رؤية الإمام أيضًا، فالمعروف عند المالكية من أول الإقامة، وعند الشافعية بعد تمام الإقامة، وعند الحنفية على قول المؤذن: "حي على الصلاة"، وعند الحنابلة على قوله: "قد قامت الصلاة". كما بسطت تلك الأقوال في "الأوجز" (٢)، عند قول الإمام مالك رحمه الله تعالى: لم أسمع فيه بحد [يقام له] إلا أَنِّي أرى ذلك على قدر طاقة الناس، فإن منهم الثقيل والخفيف، ولا يستطيعون أن يكونوا كرجل واحد، انتهى.

وهكذا ترجم "باب كيف الإشعار للميت"، وذكر فيه: قال الحسن: الخرقة الخامسة، قال الحافظ (٣): وقول الحسن في الخرقة الخامسة، قال به زفر، وقالت طائفة: تُشَدُّ على صدرها لتضم أكفانها، وكأن المصنف أشار إلى موافقة قول زفر، انتهى.

وذكر ابن عابدين (٤) الاختلاف في ذلك، ثم قال: ومفاد هذه العبارات الاختلاف في عرضها، وفي محل وضعها، وفي زمانه، فتأمل، انتهى.


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٢٣) ط: الهند.
(٢) انظر: "أوجز المسالك" (٢/ ٤٦).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ١٣٣).
(٤) "رد المحتار" (٣/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>