للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم مسألة الباب خلافية. قال الحافظ (١): ذهب الجمهور إلى جواز التحريق والتخريب في بلاد العدو، وكرههه الأوزاعي والليث وأبو ثور، واحتجوا بوصية أبي بكر لجيوشه أن لا يفعلوا شيئًا من ذلك، وأجاب الطبري بأن النهي محمول على القصد لذلك بخلاف ما إذا أصابوا ذلك في خلال القتال، ونحو ذلك القتل بالتغريق. وقال غيره: إنما نهى أبو بكر عن ذلك؛ لأنه علم أن تلك البلاد ستفتح؛ فأراد إبقاءها على المسلمين، انتهى. وبسط الكلام على المسألة في "الأوجز" (٢) وهامش "اللامع" (٣).

وقال القسطلاني (٤): واستدل الجمهور بحديث الباب على جواز التحريق والتخريب إذا تعين طريقًا في نكاية العدو، وخالف بعضهم فقال: لا يجوز قطع المثمر أصلًا، وحمل ما ورد في ذلك إما على غير المثمر وإما على أن الشجر الذي قطع في قصة بني النضير كان في الموضع الذي يقع فيه القتال، وهذا قول الليث والأوزاعي وأبو ثور، انتهى.

[(١٥٥ - باب قتل النائم المشرك)]

قال الحافظ (٥): ذكر فيه قصة قتل أبي رافع اليهودي، وهي ظاهرة فيما ترجم له؛ لأن الصحابي طلب قتل أبي رافع وهو نائم، وإنما ناداه ليتحقق أنه هو لئلَّا يقتل غيره ممن لا غرض له إذ ذاك في قتله، وبعد أن أجابه كان في حكم النائم؛ لأنه حينئذ استمر على خيال نومه، بدليل أنه بعد أن ضربه لم يفر من مكانه ولا تحوّل من مضجعه، حتى عاد إليه فقتله، ثم قال في فوائد الحديث: وأما قتله إذا كان نائمًا فمحله أن يعلم أنه مستمر على كفره وأنه قد يئس من فلاحه، وطريق العلم بذلك إما بالوحي وإما بالقرائن الدالة على ذلك، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٦/ ١٥٥).
(٢) "أوجز المسالك" (٩/ ٨١، ٨٢).
(٣) "لامع الدراري" (٧/ ٢٧٩ - ٢٨٠).
(٤) "إرشاد الساري" (٦/ ٥٥٢).
(٥) "فتح الباري" (٦/ ١٥٥، ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>