للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطيبي: أراد به الاختلاف الذي ظهر بين المسلمين من وقعة عثمان - رضي الله عنه -، أو ما وقع بين علي كرم الله وجهه ومعاوية - رضي الله عنه -، أقول: أراد به قضية يزيد مع الحسين - رضي الله عنه -، وهو في المعنى أقرب؛ لأن شره ظاهر عند كل أحد من العرب والعجم، وقال ابن الملك - رحمه الله -: قوله: "من شر" أي: من خروج جيش يقاتل العرب، وقيل: أراد به الفتن الواقعة في العرب أولها قتل عثمان واستمرت إلى الآن، انتهى.

وقال الحافظ في موضع آخر من "الفتح" (١): قال القرطبي: ويحتمل أن يكون المراد بالشر ما أشار إليه في حديث أم سلمة: "ماذا أنزل الليلة من الفتن، وماذا أنزل من الخزائن" فأشار بذلك إلى الفتوح التي فتحت بعده، فكثرت الأموال في أيديهم، فوقع التنافس الذي جرّ الفتن، وكذلك التنافس على الإمرة، فإن معظم ما أنكروه على عثمان تولية أقاربه من بني أمية وغيرهم، حتى أفضى ذلك إلى قتله، وترتب على قتله من القتال بين المسلمين ما اشتهر واستمر، انتهى.

[(٥ - باب ظهور الفتن)]

وسيأتي في "باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: الفتنة من قبل المشرق" أن ابتداء الفتن كان بسبب قتل عثمان.

قال الحافظ (٢) ذيل شرح حديث الباب: وقد جاء عن أبي هريرة من طريق أخرى زيادة في الأمور المذكورة، فأخرج الطبراني في "الأوسط" من طريق سعيد بن جبير عنه رفعه: "لا تقوم الساعة حتى تظهر الفحش والبخل، ويخون الأمين، ويؤتمن الخائن، وتهلك الوعول، ويظهر التحوت" قالوا: يا رسول الله وما التحوت والوعول؟ قال: "الوعول: وجوه الناس وأشرافهم، والتحوت: الذين كانوا تحت أقدام الناس ليس يعلم بهم".

قال ابن بطال: وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها


(١) "فتح الباري" (١٣/ ١٠٧).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ١٥ - ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>