للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعيد، وأحسن ما وصف به الصبر أنه حبس النفس عن (١) المكروه وعقد اللسان عن الشكوى والمكابدة في تحمله وانتظار الفرج، انتهى.

(٢١ - باب {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣])

استعمل لفظ الآية ترجمة لتضمنها الترغيب في التوكل، وكأنه أشار إلى تقييد ما أطلق في حديث الباب قبله، وأن كلًّا من الاستغناء والتصبر والتعفف إذا كان مقرونًا بالتوكل على الله فهو الذي ينفع وينجع، والمراد بالتوكل اعتقاد ما دلّت عليه هذه الآية {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦]، وليس المراد به ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين؛ لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراه من التوكل، وقد سئل أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال: لا أعمل شيئًا حتى يأتيني رزقي؟ فقال: هذا رجل جهل العلم، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي"، قال: وكان الصحابة يتجرون ويعملون في نخيلهم، والقدوة بهم، انتهى من "الفتح" (٢).

[(٢٢ - باب ما يكره من قيل وقال)]

قال القسطلاني (٣): بفتحهما في الفرع كأصله، ثم قال في شرح الحديث: قوله: "ينهى عن قيل وقال" بفتحهما فعلان ماضيان، الأول مجهول، وهو حكاية أقاويل الناس: قال فلان كذا وفلان كذا، وقيل كذا أو كذا، ولأبي ذر: "قيلٍ وقالٍ" بالتنوين فيهما اسمان، يقال: قَالَ قَوْلًا وَقِيلًا وَقَالًا، أي: نهى عن الإكثار مما لا فائدة فيه من الكلام، انتهى.

وبسط الحافظ (٤) الكلام في شرح الحديث وبيان معناه.


(١) هكذا في "الفتح" وفي "القسطلاني" (١٣/ ٥٤٨): "على المكروه" هو الصواب، (ز).
(٢) "فتح الباري" (١١/ ٣٠٥، ٣٠٦).
(٣) "إرشاد الساري" (١٣/ ٥٥٢).
(٤) "فتح الباري" (١١/ ٣٠٦، ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>