للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونوع آخر: لا يعدم الرضا وهو أن يهتم بحبس أبيه أو ولده، ثم قال: والإكراه بجملته لا ينافي أهلية، ولا يوجب وضع الخطاب بحال لأن المكره مبتلى، والابتلاء يحقق الخطاب، إلى أن قال: فثبت بهذه الجملة أن الإكراه لا يصلح لإبطال حكم شيء من الأقوال والأفعال جملة إلا بدليل غيره على مثال فعل الطائع، انتهى.

وقال الكرماني (١): والإكراه الإلزام على خلاف المراد، وهو يختلف باختلاف المكره والمكره عليه والمكره به، انتهى.

ثم إن الإمام البخاري - رحمه الله ورضي عنه - قد شدّد الكلام على الإمام الهمام أبي حنيفة في هذا الكتاب، وكذا في "كتاب الحيل" كما سترى، وسيأتي بقية الكلام عليه في محله في "باب إذا أكره حتى وهب عبدًا. . ." إلخ.

(١ - باب قول الله - عز وجل -: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦])

هكذا في النسخة الهندية التي بأيدينا بإثبات لفظ الباب قبل الآية، وليس في شيء من نسخ الشروح الأربعة ههنا لفظة "باب"، ولم يتعرضوا له أيضًا.

قال القسطلاني (٢): قال ابن جرير: أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئنًا بالإيمان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن عادوا فعد" ورواه البيهقي بأبسط منها، وفيه: أنه سبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر آلهتهم بخير، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئنًا بالإيمان قال: "إن عادوا فعد" وفي ذلك أنزل الله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}،


(١) "شرح الكرماني" (٢٤/ ٦١).
(٢) "إرشاد الساري" (١٤/ ٤٢٢، ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>