للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٨ - باب قول الله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ. . .} [الشورى: ٣٨]) إلخ

قال الحافظ (١): أما الآية الأولى فأخرج البخاري في "الأدب المفرد" وابن أبي حاتم بسند قوي عن الحسن قال: "ما تشاور قوم قط بينهم إلا هداهم الله لأفضل ما يحضرهم"، وفي لفظ: "إلا عزم الله لهم بالرشد أو بالذي ينفع"، وأما الآية الثانية فأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن عن الحسن أيضًا قال: قد علم أنه ما به إليهم حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده، وفي حديث أبي هريرة: "ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من النبي - صلى الله عليه وسلم -"، ورجاله ثقات إلا أنه منقطع.

وقد اختلف في متعلق المشاورة فقيل: في كل شيء ليس فيه نص، وقيل: في الأمر الدنيوي فقط، وقال الداودي: إنما كان يشاورهم في أمر الحرب مما ليس فيه حكم، قال: ومن زعم أنه كان يشاورهم في الأحكام فقد غفل غفلة عظيمةً، وقال غيره: اللفظ وإن كان عامًّا لكن المراد به الخصوص للاتفاق على أنه لم يكن يشاورهم في فرائض الأحكام، قال الحافظ: وفي هذا الإطلاق نظر، فقد أخرج الترمذي وحسّنه وصحّحه ابن حبان من حديث علي قال: "لما نزلت {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} [المجادلة: ١٢] قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما ترى دينار؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فكم؟ قلت: شعيرة، قال: إنك لزهيد، فنزلت {أَأَشْفَقْتُمْ} الآية [المجادلة: ١٣]، قال: فبي خفف الله عن هذه الأمة"، ففي هذا الحديث المشاورة في بعض الأحكام، انتهى.

وهذا آخر "كتاب الاعتصام" الذي هو آخر كتاب من هذا "الجامع الصحيح" كما تقدم في مبدأ الكتاب، أما براعة الاختتام فعند الحافظ في قوله: "سبحانك هذا بهتان عظيم" والتسبيح مشروع في الختام، فلذلك ختم


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>