للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢ - باب من أحق الناس بحسن الصحبة)]

قال الحافظ (١): الصحبة والصحابة مصدران بمعنىً وهو المصاحبة، ثم قال في شرح الحديث: قال ابن بطال: مقتضاه أن يكون بالأم ثلاثة أمثال ما للأب من البرّ، قال: وكان ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع، فهذه تنفرد به الأم ثم تشارك الأب في التربية، وقال القرطبي: المراد أن الأم تستحق على الولد الحظّ الأوفر في البر، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة، وقال عياض: وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب، وقيل: يكون برّهما سواء، والصواب الأول، قلت: إلى الثاني ذهب بعض الشافعية، لكن نقل الحارث المحاسبي الإجماع على تفضيل الأم في البر، وفيه نظر، إلى آخر ما قال في الترتيب بين الأقرباء، ومال أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (٢) في تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} الآية [الإسراء: ٢٣] إلى ترجيح حقّ الأم على الأب حيث قال: وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عظّم حق الأم على الأب، ثم ذكر حديث أبي هريرة حديث الباب.

وفي "شرح الإحياء" (٣): قال بعض العلماء: ينبغي أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب لأنه - صلى الله عليه وسلم - كرّر الأم ثلاث مرات، وذكر الأب في المرة الرابعة فقط، وقيل: للأم ثُلُثَا البر وللأب الثُلُث، ووجهه الحديث الذي ذكر فيه حق الأم مرتين والأب مرة، وروي هذا عن الليث بن سعد، انتهى مختصرًا.

قال العلامة العيني (٤): وحديث أبي هريرة يدل على أن طاعة الأم مقدمة، وهو حجة على من خالفه، انتهى.

وكتب الشيخ في "الكوكب" (٥): قوله: "من أبرّ. . ." إلخ، وجه ذكر


(١) "فتح الباري" (١٠/ ٤٠١، ٤٠٢).
(٢) "أحكام القرآن" (٣/ ١٩٧).
(٣) "إتحاف السادة المتقين" (٧/ ٢٨٨).
(٤) "عمدة القاري" (١٥/ ١٤٢).
(٥) "الكوكب الدري" (٣/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>