للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المستودع إذا اتجر بمال الوديعة والمضارب إذا خالف رب المال فربحا أنه ليس لصاحب المال من الربح شيء، وعند أبي حنيفة: المضارب ضامن لرأس المال والربح له ويتصدق به، والوضيعة عليه؛ وقال الشافعي: إن كان اشترى السلعة بعين المال فالبيع باطل، وإن كان بغير عينه فالسلعة ملك المشتري وهو ضامن للمال، وقال ابن بطال: وأما من اتجر في مال غيره، فقالت طائفة: يطيب له الربح إذا رد رأس المال إلى صاحبه، سواء كان غاصبًا للمال أو كان وديعة عنده متعديًا فيه، هذا قول مالك والثوري وأبي يوسف، واستحب مالك والثوري تنزهه عنه، ويتصدق به، وقالت طائفة: يرد المال ويتصدق بالربح كله، ولا يطيب له منه شيء هذا قول أبي حنيفة ومحمد وزفر، وقالت طائفة: والربح لرب المال وهو ضامن لما تعدى فيه، هذا قول ابن عمر، وبه قال وأحمد وإسحاق، انتهى مختصرًا.

وفي "الفيض" (١): قوله: "باب من استأجر" فهل يكون الربح للعامل، أو المالك؟ وقد مر عن "الهداية": أن الربح في البيع الفاسد يطيب للبائع؛ لأنه ربح في ثمنه، ولا يطيب للمشتري، فإنه ربح في المبيع، ووجه الفرق ذكره صاحب "الهداية"، انتهى مختصرًا.

[(١٣ - باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره ثم تصدق منه)]

كتب الشيخ في "اللامع" (٢): إنما عقد هذا الباب لما في ظاهره أنه لا يجوز لما فيه من توهين المسلم نفسه وإذلاله إياها، وليس لمؤمن أن يذل نفسه، فدفعه بأنه ليس بمذلة سيما وفي تركه مذلة المسألة، وهي أشنع منها بكثير، وكما أن في ترك الاكتساب مذلة المسألة في الدنيا فكذلك في ترك الصدقة مذلة الإفلاس الأخروي، انتهى.


(١) "فيض الباري" (٣/ ٥١٣).
(٢) "اللامع" (٦/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>