للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أوجب النفقة الإرضاع على الأم بعد الأب، وذلك لأن الأم كل على الأب ومن تجب النفقة له كيف تجب عليه لغيره، وحمل حديث أم سلمة على التطوع لقوله: "لك أجر" وحديث هند إذا أباح لها أخذها من ماله دلّ عليه سقوطها عنه فكذلك بعد وفاته، قال: وفي استدلاله نظر، إلى آخر ما بسطه، انتهى مختصرًا من هامش "اللامع" (١).

وقال القسطلاني (٢): قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ} عطف على قوله: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] أي: وعلى وارث الصبي عند عدم الأب مثل الذي كان على أبيه في حياته من الرزق والكسوة وأجر الرضاع إذا كان الولد لا مال له، واختلف في الوارث فعند ابن أبي ليلى: كل من ورثه، وهو قول أحمد، وعند الحنفية: من كان ذا رحم محرم منه، وقال الجمهور: لا غرم على أحد من الورثة ولا يلزمه نفقة ولد الموروث، وقال زيد بن ثابت: إذا خلف أمًّا وعمًّا فعلى كل واحد منهما إرضاع الولد بقدر ما يرث، وإليه أشار المؤلف بقوله: "وهل على المرأة" أي: الأم "منه" أي: من إرضاع الصبي "شيء" وهل ههنا للنفي وأشار به إلى الردّ على قول زيد.

ثم قال القسطلاني بعد حديث الباب: وغرض المؤلف أنه لما لم يلزم الأمهات نفقة الأولاد في حياة الآباء فالحكم مستمر بعد الآباء ويقويه قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} أي: رزق الأمهات وكسوتهن من أجل الإرضاع للأبناء فكيف يجب لهن في أوّل الآية ويجب عليهن نفقة الأبناء في آخرها، قاله في "الفتح"، انتهى.

(١٥ - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من ترك كلًّا أو ضياعًا فإلي)

قال الحافظ (٣): ذكر فيه حديث أبي هريرة من غير لفظ الترجمة، وأما لفظ الترجمة فأورده في الاستقراض من طريق أبي حازم عن أبي هريرة،


(١) "لامع الدراري" (٩/ ٣٨٩، ٣٩٠).
(٢) "إرشاد الساري" (١٢/ ١٦٢ - ١٦٤).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>