للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحلق يكون قبل طواف الإفاضة، فعلى هذا تكون الترجمة مشتملة على جزئين: كون الطيب بعد الرمي، والثاني: كون الحلق قبل طواف الإفاضة، ولما لم يكن الحديث الذي أخرجه المصنف في الباب مطابقًا للجزء الثاني من الترجمة احتاج الحافظ قُدِّس سِرُّه لإثباته إلى التوجيه كما ترى، والظاهر أن قوله: "والحلق" معطوف على الرمي، والغرض من الترجمة بيان أن التطيب يكون بعد الرمي والحلق كليهما، وقبل طواف الإفاضة، وثبوته بحديث الباب ظاهر، كما لا يخفى، هكذا أفاده العزيز مولانا الحاج إنعام الحسن رئيس التبليغ والدعوة، ثم رأيت العلامة العيني (١) اختار هذا المعنى، فعلى هذا مسألة الباب أعني حل الطيب بعد الرمي والحلق موافقٌ لمذهب الجمهور خلافًا لمالك، وأما على رأي الحافظ؛ أعني: حل الطيب بعد الرمي فقط فلا يوافق أحدًا من الأئمة الأربعة على الراجح عندهم، وذلك لأنهم اختلفوا في التحلل الأصغر بماذا يحصل، فعند مالك التحلل الأصغر يحصل بالرمي فقط، وبالحلق بعد الرمي عند الحنفية، وهما قولان للشافعي وأحمد، ومختار فروعهما، كما في "الروض المربع" (٢) و"المناسك" (٣) للنووي أنه يحصل بالاثنين من الرمي والحلق والإفاضة، فأيّ اثنين منها أتى بهما حصل التحلل الأصغر، ويحصل التحلل الثاني بالعمل الباقي من الثلاثة، وقد تقدم أن الطيب داخل في التحلل الأصغر عند الأئمة الثلاثة دون المالكية، وكذا الصيد غير داخل فيه عند المالكية، فهذا هو تحقيق المذاهب إن شاء الله، كما بسط في "الأوجز" (٤) في عدة مواضع من كتب فروعهم.

[(١٤٤ - باب طواف الوداع)]

قال الحافظ (٥): قال النووي: طواف الوداع واجب يلزم بتركه دم على


(١) "عمدة القاري" (٧/ ٣٨٠).
(٢) "الروض المربع" (ص ٢٥٥).
(٣) "كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص ٣٥١، ٣٥٢).
(٤) انظر: "أوجز المسالك" (٦/ ٣٦٢، و ٤٠٨ - ٤١٧، ٨/ ٣٩٣ - ٣٩٩).
(٥) "فتح الباري" (٣/ ٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>