للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما لم ينقل متواترًا قال: وقولهم مردود بما صحّ أن الصحابة كان يأخذ بعضهم عن بعض، ورجع بعضهم إلى ما رواه غيره، وانعقد الإجماع على القول بالعمل بأخبار الآحاد، انتهى.

وقال صاحب "الفيض" (١): قوله: "كانت ظاهرة" فيه ردّ على الباطنية حيث زعموا: أن المراد بالجنة والنار ليس ما يظهر من اسميها، بل هما عبارتان عن نعيم وعذاب معنويين، فردّ عليهم المصنف: أن أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها محمولة على ظاهرها، لا أن لها بواطن تخالف ظواهرها، انتهى.

ولا يبعد عند هذا العبد الضعيف: أن الإمام البخاري أشار بذلك إلى مسألة أصولية خلافية، وهي مسألة وجوب تقليد الصحابي، قال صاحب "نور الأنوار" (٢): تقليد الصحابي واجب يترك به القياس، وقال الكرخي: لا يجب [تقليده] إلا فيما لا يدرك إلا بالقياس، وقال الشافعي: لا يقلد أحد منهم سواء كان مدركًا بالقياس أو لا؟ لأن الصحابة كان يخالف بعضهم بعضًا، وليس أحدهم أولى من الآخر فتعين البطلان، انتهى.

فلا يبعد عندي أن المصنف أشار إلى هذا الأخير بناءً على أن بعضهم لا يشهدون بموضع يشهده غيره، وطالما لا يعرفون المنسوخ من الناسخ.

[(٢٣ - باب من رأى ترك النكير من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة. . .) إلخ]

كتب مولانا محمد حسن المكي في "تقريره" عن شيخه الكَنكَوهي (٣): قوله: "حجة" أي: في الدين كالقرآن، أما ترك النكير من غيره عليه الصلاة والسلام كالصحابة فليس بحجة في الدين، بل هو دليل على أن ذلك مذهبه، انتهى.


(١) "فيض الباري" (٦/ ٥٣٧).
(٢) "نور الأنوار" (ص ٢١٧).
(٣) "لامع الدراري" (١٠/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>