للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الفيض" (١): قوله: "باب يهبه الواحد. . ." إلخ، اعلم أنه يشترط لصحة الهبة عندنا أن لا يكون مشاعًا، وذلك لأن القبض من تمام الهبة، وهو ضعيف في المشاع، ثم إن كان الواهب واحدًا، والموهوب له جماعةً، فهو مشاع عند الإمام الأعظم، وقال صاحباه: إنه ليس بمشاع وإن كان الواهب جماعةً، والموهوب له واحدًا، فلا شيوع عند الإمام، وأما البخاري فذهب إلى هدر الشيوع ولم يره شيئًا، فتصح عنده هبة المشاع أيضًا. . .، إلى آخر ما بسط فيه.

[(٢٣ - باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة)]

قال الحافظ (٢): أما المقبوضة فتقدم حكمها، وأما غير المقبوضة فالمراد القبض الحقيقي، وأما التقديري فلا بد منه؛ لأن الذي ذكره من هبة الغانمين لوفد هوازن ما غنموه قبل أن يقسم فيهم ويقبضوه، فلا حجة فيه على صحة الهبة بغير قبض؛ لأن قبضهم إياه وقع تقديرًا باعتبار حيازتهم له على الشيوع، نعم قال بعض العلماء: يشترك في الهبة وقوع القبض الحقيقي ولا يكفي القبض التقديري بخلاف البيع، وهو وجه للشافعية، وأما الهبة المقسومة فحكمها واضح، وأما غير المقسومة فهو المقصود بهذه الترجمة، وهي مسألة هبة المشاع، والجمهور على صحة هبة المشاع للشريك وغيره سواء انقسم أو لا، وعن أبي حنيفة: لا يصح هبة جزء مما ينقسم مشاعًا لا من الشريك ولا من غيره.

قوله: (وقد وهب النبي - صلى الله عليه وسلم -. . .) إلخ، سيأتي موصولًا في الباب الذي يليه بأتم من هذا، وقوله: (هو غير مقسوم) من تفقه المصنف، انتهى.

وقد تقدم في "باب من رأى الهبة الغائبة جائزة" شيء من الكلام على أن رد سبي هوازن كان قبل القسمة أو بعدها، فارجع إليه لو شئت.


(١) "فيض الباري" (٤/ ٥٦).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>