للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما عند الإمامين الهمامين أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى فالترتيب في بعضها واجب وفي بعضها سُنَّة، فمن خالف الترتيب الواجب فعليه دم، ومن خالف الترتيب المسنون فقد أساء ولا دم عليه، فمذهب مالك على ما قال الدسوقي (١): إن تقديم الرمي على الأخيرين الحلق والطواف واجب، يجبر بدم، وأما تقديمه على الثاني، أو تقديم الثاني على كل واحد من الأخيرين، أو تقديم الثالث على الرابع فمستحب، فالمراتب ستة: الوجوب في اثنين، والندب في أربعة، انتهى.

ومذهب الحنفية ما قال ابن عابدين (٢): الطواف لا يجب ترتيبه على شيء من الثلاثة، وإنما يجب ترتيب الثلاثة: الرمي، ثم الذبح، ثم الحلق، لكن المفرد لا ذبح عليه، فيجب عليه الترتيب بين الرمي والحلق فقط، انتهى.

(١٢٦ - باب من لبَّد رأسه عند الإحرام وحلق)

قال الحافظ (٣): أي: بعد ذلك عند الإحلال، انتهى.

وليس في الحديث ذكر الحلق، وأجاب عنه الحافظ بما سيأتي، وحاصل ما أفاده الشيخ في "اللامع" (٤): مقصود البخاري من الترجمة أن الحلق ليس بشرط لأن الوارد في الحديث ذكر الحل لا الحلق، انتهى.

وقال الحافظ: قيل: أشار بهذه الترجمة إلى الخلاف فيمن لبّد، هل يتعين عليه الحلق أو لا؟ فنقل ابن بطال عن الجمهور تعين ذلك حتى عن الشافعي، وقال أهل الرأي: لا يتعين بل إن شاء قصر، انتهى. وهذا قول الشافعي في الجديد، وليس للأول دليل صريح، وأعلى ما فيه ما سيأتي في "اللباس" عن عمر: "من ضفر رأسه فليحلق"، وليس في


(١) "الشرح الكبير" (٢/ ٤٦).
(٢) "رد المحتار" (٣/ ٦٦٩).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٥٦٠).
(٤) "اللامع" (٥/ ٢٤٠، ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>