للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأويلات كثيرة أشار المصنف إلى بعضها بحديث أسماء المذكور بعد ذلك، وقد سبق في الكتاب إشارة إلى أن المراد بـ[الماء] ماءُ زمزم، ومما يحتمله الحديث أن يكون كناية عن تغطية المحموم، والسعي في خروج العرق منه بما أمكن على أن المراد بالماء العرق المعلوم أنه يبرد الحمى، ويحتمل أن يكون كناية عن الاشتغال بما يستحق به المحموم الرحمة من التصدق وغيره من أعمال البر على أن المراد بالماء ماء الرحمة المعارض لنار جهنم، انتهى مختصرًا.

وقد وقع في سالف الزمان في بلدة ميرته وباء الحمى، وقد ضاع به رجال كثير، فعمل مولانا محمد قاسم النانوتوي نوَّر الله مرقده بهذا العلاج الغسل، فاشتفى به سبعمائة نفر، ولله در مشايخنا رحمهم الله ورضي عنهم، ومما يجب التنبيه عليه أن العبرة في أمثال هذه الأمور لقوة الإيمان وشدة الاعتقاد كما لا يخفى.

[(٢٩ - باب من خرج من أرض لا تلائمه)]

من الملائمة بالمدّ، أي: الموافقة وزنًا ومعنىً، وكأنه أشار إلى أن الحديث الذي أورده بعده في النهي عن الخروج من الأرض التي وقع فيها الطاعون ليس على عمومه، وإنما هو مخصوص بمن خرج فرارًا منه، انتهى من "الفتح" (١).

قلت: ويناسب هذا الباب ما أخرجه أبو داود بسنده عن فروة بن مسيك - رضي الله عنه -، قال "قلت: يا رسول الله، أرض عندنا يقال لها أرض أبين هي أرض ريفنا وميرتنا وأنها وبيئة، أو قال: وباؤها شديد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعها عنك فإن من القرف التلف"، انتهى (٢).

قال الخطابي: ليس هذا من باب الطيرة والعدوى، وإنما هذا من باب


(١) "فتح الباري" (١٠/ ١٧٨).
(٢) انظر: "بذل المجهود" (١١/ ٦٥١، ٦٥٢)، و"معالم السنن" (٣/ ٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>