للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): وموضع الاستدلال من الحديث والآية أن لفظ الآية مجمل؛ لأنه يحتمل أن يراد منها مسح الكل على أن الباء زائدة، أو مسح البعض على أنها تبعيضية، فتبين بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المراد الأول، انتهى.

وفي "الأوجز" (٢): مسح جميع الرأس مستحب باتفاق العلماء، وأما مقدار المفروض فمختلف جدًا، ذكر العيني (٣) فيه ثلاثة عشر قولًا، والمعروف منها: أن الاستيعاب فرض عند مالك، وبعض الرأس عند الشافعي، وهما روايتان لأحمد، ومقدار الناصية عندنا الحنفية، وقال الموفق (٤): الظاهر عن أحمد وجوب الاستيعاب في حق الرجل، وأن المرأة يُجْزِئُها مسح مقدم الرأس، انتهى مختصرًا من هامش "اللامع".

قوله: (فأقبل بهما وأدبر) اختلف في معناه على أقوال ذكرت في "الكوكب" و"الأوجز" و"البذل" (٥) وهامشي على "البذل".

والأوجه عندي في معناه: أن الواو لمطلق الجمع للرواية الآتية قريبًا في "باب الوضوء من التور" عن عبد الله بن زيد بنفسه بلفظ: "أدبر بيديه وأقبل".

[(٣٩ - باب غسل الرجلين)]

هذا الباب في محله لكونه بعد مسح الرأس في اختتام الوضوء.

وفيه: أن الإمام البخاري لم يراع الترتيب على ما عليه الشراح حتى يحتاج إليه ههنا، وعندي في ذكر هذا الباب في هذا الموضع نكتة لطيفة أيضًا، وهي أن المؤلف ذكره تأييدًا لما سبق من مسح الرأس كله، فإن الرجل إذا يغسل إلى الكعبين ويستوعبه الغسل فأي وجه أن لا يستوعب


(١) "فتح الباري" (١/ ٢٩٠).
(٢) "أوجز المسالك" (١/ ٣٤٨).
(٣) انظر: "البناية" (١/ ١٦٧).
(٤) "المغني" (١/ ١٧٦).
(٥) انظر: "بذل المجهود" (١/ ٥٥٤)، و"أوجز المسالك" (١/ ٣٤٩)، و"الكوكب الدري" (١/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>