للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ (١): أورد البخاري فيه حديث عتبان واعتماده فيه على قوله: "وسلمنا حين سلم" فإن ظاهره أنهم سلموا نظير سلامه، وسلامه إما واحدة، وهي التي يتحلل بها من الصلاة، وإما هي وأخرى معها، فيحتاج من يستحب تسليمة ثالثة على الإمام بين التسليمتين - كما تقوله المالكية - إلى دليل خاص، وإلى رد ذلك أشار البخاري، وقال ابن بطال: أظنه قصد الرد على من يوجب التسليمة الثانية، وقد نقله الطحاوي عن الحسن، وفي هذا الظن بعد، انتهى.

قلت: والبعد ظاهر، فإن التسليمتين ثبتا من فعله - صلى الله عليه وسلم - في روايات عديدة ذكرها العيني (٢) عن عشرين صحابيًا، فكيف يمكن أن يرد عليه البخاري، وأعجب منه ما قال الكرماني (٣): يحتمل أن يراد به التسليمة الأولى التي بها تحلل الصلاة، وأن يراد ما في التحيات من "سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" المتناول للإمام، انتهى.

فإنه لا تعلق له بالترجمة بقوله: "باب من لم يرد السلام" اللَّهم إلا أن يقال: إنه أثبتها بعدم ذكر الثالث واكتفى في العمل على رواية أبي داود المذكورة بالتسليمة الأولى في الصلاة أو بتسليمة التحيات، انتهى.

[(١٥٥ - باب الذكر بعد الصلاة)]

سكتوا عن غرض المصنف بذلك، ويحتمل عندي أن يكون غرضه الرد على من كره الفصل بين المكتوبات والرواتب بالأوراد، وحمل الروايات الواردة في ذلك على الفراغ من الرواتب كما بسط البحث في ذلك شارح "المنية" وغيره، ويحتمل أيضًا في غرض الترجمة أنه أراد بذلك دفع ما توهم به بعض الخلف من أن الأدعية الواردة في دبر الصلاة محمولة على ما قبل السلام، قال ابن القيم: دبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده، وكان


(١) "فتح الباري" (٢/ ٣٢٣).
(٢) "عمدة القاري" (٤/ ٦٠١).
(٣) "شرح الكرماني" (٥/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>