للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخنا يرجح أن يكون قبل السلام فراجعته فقال: دبر كل شيء منه كدبر الحيوان، انتهى.

ولذا ترجم الإمام بلفظ الذكر بعد الصلاة، وأورد فيه حديث الدبر أيضًا تنبيهًا على أن المراد منه بعد الصلاة، ويحتمل أيضًا أن الإمام أشار بلفظ الذكر في الترجمة وإيراده حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفظ التكبير إلى أن المراد منه مطلق الذكر لا تخصيص التكبير، ولذا فسَّر الكرماني قول ابن عباس في الحديث بالتكبير، أي: بذكر الله، انتهى من هامش "اللامع".

وبسط فيه الكلام على حديث الباب أشد البسط، ومما يجب التنبيه عليه أن رفع الأيدي في الدعاء بعد الصلوات المكتوبة أنكره بعض العلماء وليس بوجيه، فإنه ثابت في الروايات الكثيرة كما بسط في "إعلاء السنن" للشيخ التهانوي، و"آثار السنن" للعلامة النيموي ومحمد الزبيدي في "رسالة رفع اليدين بعد الصلاة" المطبوعة على آخر "المنتقى" طبع في الهند، ولشيخنا التهانوي فيها رسالة وجيزة مسماة بـ "استحباب الدعوات عقيب الصلوات" وفيها عن ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (١) برواية أنس مرفوعًا: "ما من عبد يبسط كفيه في دبر كل صلاة يقول: اللَّهم" الحديث، وفيها عن "ميزان الاعتدال" أنه حديث ضعيف، لكنه يعمل به في الفضائل، ويقويه ما أخرجه ابن أبي شيبة (٢) في "مصنفه" عن الأسود العامري عن أبيه قال: "صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر فلما سلم انحرف ورفع يديه ودعا" الحديث، ولا يخفى أن أئمة الحديث ذكروا أن رواية الضعيف مع الضعيف توجب الارتفاع من درجة السقوط إلى درجة الاعتبار.

وقال السيوطي في "فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء": وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن الزبير في حديث طويل "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته" رجاله ثقات، انتهى.


(١) "عمل اليوم والليلة" (١٣٨).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>