للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو حنيفة: إن صلّاه قبل العشاء ناسيًا لم يُعِدْه، وخالفه صاحباه قالا: يعيد، وكذلك قال مالك والشافعي.

وأما الثانية: فعند الحنفية آخر وقته إلى طلوع الفجر، وهو رواية عن الشافعي وأحمد، وقال الدردير (١): وقته المختار ينتهي لطلوع الفجر، وضروريه من طلوع الفجر للصبح، أي: لتمامها، وهو وجه للشافعية والحنابلة، انتهى مختصرًا.

ولا يبعد عندي في غرض المصنف أن ما ورد في بعض الروايات من قوله: "وانتهى وتره إلى السحر حتى مات"، كما في رواية لأبي داود يوهم أن آخر فعله - صلى الله عليه وسلم - الوتر في السحر، فهو ناسخ للأول، فدفعه المصنف بأنه ليس بنسخ.

[(٣ - باب إيقاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - أهله بالوتر)]

كتب الشيخ في "اللامع" (٢): أن مداومة الإيقاظ للوتر، وتوكيد الأمر فيه ما ليس في شيء من النوافل، من أظهر أمارات الوجوب، انتهى.

وفي هامشه: وتبويب البخاري بالإيقاظ للوتر خاصة يشير أيضًا إلى أنه إن لم يذهب إلى وجوب الوتر فقد ذهب إلى قريب من ذلك، قال الحافظ (٣) كما تقدم قبل: لم يتعرض البخاري لحكمه، لكن إفراده بترجمة عن أبواب التهجد والتطوع يقتضي أنه غير ملحق بها عنده، ولولا أنه أورد حديث الوتر على الدابة لكان إشارة إلى أنه يقول بوجوبه، انتهى.

وأنت خبير بأن مجرد تبويبه بالوتر على الدابة لا يدل على أنه لم ير بوجوبه مع الأمارات العديدة الدالة على أنه يرى بوجوبه، فإنه يحتمل أنه - رضي الله عنه - مع القول بوجوبه يبيح أداءه على الدابة وينزله بمنزلة القصر في السفر، فإنهم صرَّحوا بوجوب الوتر على النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أدائه إياه على الدابة.

وفي "المشكاة" (٤) عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهما - أنهما قالا: الوتر في


(١) "الشرح الكبير" (١/ ٥٠٦).
(٢) "لامع الدراري" (٤/ ١٤٦).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٥٧٨).
(٤) "مشكاة المصابيح" (١٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>