للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطحاوي (١): لا دلالة فيه على التعجيل لاحتمال أن الحجرة كانت قصيرة الجدار فلم تكن تحتجب عنها إلا بقرب غروبها، فيدل على التأخير لا على التعجيل، وأورد عليه بأن هذا يتصور مع اتساع العرصة، وقد عرف أنها لم تكن متسعة، ورد بأن الإيراد يمكن أن يتوجه لو كانت الجدر طويلة، وقد ثبت أنها كانت صغيرة جدًا، وهذا كله أن حمل الضوء على ما يأتي من رؤوس الجدر، ولو أريد به الضوء الداخل من باب الحجرة، فإن بابه كان غربيًا يدخل منه ضوء الشمس، وكلما يكون أقرب إلى الغروب يكثر الضوء فيه، ولا يخرج منه إلا قريب الغروب، كما هو ظاهر، فحينئذ لا يدل الحديث إلا على غاية التأخير.

وقد بسط في هامش "اللامع" الكلام على اتساع العرصات؛ لأن الحجرات كانت كلها جنب المسجد، وأبوابها كانت مفتوحة إلى المسجد، وأكثرها كانت جهة الشرق من المسجد، ومساحة المسجد كانت سبعين ذراعًا، فلا بد أن يكون اتساع الحجرات شرقًا وغربًا وإلا فلا يمكن بناء عدة الحجرات في جهة الشرق فضلًا عن أكثرها، انتهى.

[(١٤ - باب إثم من فاتته العصر)]

ههنا عدة أبحاث، الأول: أن الإمام ترجم بترجمتين، الأولى: هذه، والثانية إثم من ترك العصر، وأورد عليه بالتكرار.

ومؤدى ما قال الحافظان (٢) ابن حجر والعيني: إن المراد بالفوات تأخيرها عن وقت الجواز بغير عذر، وهذا لا يكفي لدفع إيراد التكرار؛ لأن الثانية أصرح في العمد، وقال شيخ الإسلام: الفرق بينهما أن الترك نص في العمد دون الفوات، ويحتمل أن الإمام فرق في العنوان والتعبير فقط، دون المراد رعاية لألفاظ الروايتين.


(١) "شرح معاني الآثار" (١/ ١٩٣، ١١٥١).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٣٠)، و"عمدة القاري" (٤/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>