للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: وقد لمَّح البخاري بذلك في إيراده الترجمة مجملة وتعقيبها بالتراجم المصرَّحة بخروج النساء إلى الجهاد، انتهى.

[(٦٢ - باب غزوة المرأة في البحر)]

تقدم في كلام الحافظ آنفًا ما هو الغرض عنده، وعندي: أن الإمام البخاري أشار بذلك إلى الاختلاف فيه، والمعروف عن الإمام مالك المنع مطلقًا للمرأة، بسط الكلام عليه في "الأوجز" (١)، وفيه: وفي الحديث جواز ركوب البحر الملح للغزو، وكان عمر يمنع منه، ثم أذن فيه عثمان، ثم منع منه عمر بن عبد العزيز، ثم أذن فيه من بعده، واستقر الأمر عليه، ونقل عن عمر أنه إنما منع عن ركوبه لغير الحج والعمرة، ونقل ابن عبد البر أنه يحرم ركوبه عند ارتجاجه اتفاقًا، وكره مالك ركوب النساء البحر لما يخشى من اطلاعهن على عورات الرجال فيه، إذ يتعسر الاحتراز من ذلك، وخص أصحابه ذلك بالسفن الصغار، وأما الكبار التي يمكنهن فيها من الاستتار بأماكن تخصهن فلا حرج فيه.

وفي "التمهيد" (٢) لابن عبد البر: كان مالك يكره للمرأة الحج في البحر فهو للجهاد أكره، انتهى من هامش "اللامع" (٣).

ثم لا يخفى عليك ما في "الأوجز" (٤) في ذيل شرح حديث الباب عن ابن عبد البر (٥): واحتج بذلك قوم، وقالوا: شهيد البر أفضل، وقال آخرون: شهيد البحر أفضل، والغزو في البحر أفضل، واحتجوا بحديث منقطع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لم يدرك الغزو معي فليغز في البحر، فإن غزاة في البحر أفضل من غزوتين في البر، وإن شهيد البحر له أجر شهيدي البر، وإن أفضل الشهداء عند الله يوم القيامة أصحاب الوكوف، قالوا:


(١) "أوجز المسالك" (٩/ ٤٠٣).
(٢) "التمهيد" (١/ ٢٣٣).
(٣) "هامش اللامع" (٧/ ٢٣٥).
(٤) "أوجز المسالك" (٩/ ٤٠٦).
(٥) "التمهيد" (١/ ٢٣٥ - ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>