للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي حلف رجل أن لا يكلم فلانًا فكلمه بعد ما دفن لا يحنث، قال القاري: ولا دليل فيها على ما قالوا؛ فإن مبنى الأيمان على العرف، وهم لا يسمونه كلامًا، وأنكره الشيخ ابن الهمام - رحمه الله - أيضًا في "الفتح" (١)، ثم أورد على نفسه أن السماع إذا لم يثبت فما معنى السلام على القبر؟ وأجاب عنه أنهم يسمعون في هذا الوقت فقط، ولا دليل فيه على العموم، ثم عاد قائلًا: إنه ثبت منهم سماع قرع النعال أيضًا، فأجاب عنه بمثله، أقول: والأحاديث في سمع الأموات قد بلغت مبلغ التواتر. . . إلى آخر ما بسط فيه.

[(٦٨ - باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها)]

قال الحافظ (٢): قال ابن المنيِّر: المراد بقوله: "أو نحوها" بقية ما تشد إليه الرحال من الحرمين وكذلك ما يمكن من مدافن الأنبياء وقبور الشهداء والأولياء تيمنًا بالجوار وتعرضًا للرحمة النازلة عليهم اقتداء بموسى - عليه السلام -، وهذا بناءً على أن المطلوب القرب من الأنبياء الذين دفنوا ببيت المقدس، وهو الذي رجحه عياض، وقال المهلب: إنما طلب ذلك ليقرب عليه المشي إلى المحشر وتسقط عنه المشقة الحاصلة لمن بعد عنه، انتهى.

وبنحو ذلك قال العيني (٣)، وتبعهما القسطلاني.

وفي "تراجم شيخ مشايخنا" (٤): غرضه أن نقل الميت من موضع إلى موضع لا يجوز مطلقًا إلا إذا قصد الدفن في أرض من الأراضي المقدسة، وعند الحنفية يجوز مطلقًا.

والأوجه عندي: أن الإمام البخاري أشار بالترجمة إلى دفع ما يتوهم من قول سلمان - رضي الله عنه -: إن الأرض لا تقدس أحدًا، أخرجه مالك (٥) في


(١) انظر: "فتح القدير" (٣/ ٣٢٥).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٢٠٧).
(٣) انظر: "عمدة القاري" (٦/ ٢٠٣)، و"إرشاد الساري" (٣/ ٤٧٥).
(٤) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٣٤٣).
(٥) "موطأ مالك" (١٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>