للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقرع إشارة إلى ما ورد في بعض طرقه عند أحمد وأبي داود في حديث طويل فيه: "وإنه ليسمع خفق نعالهم"، انتهى.

قلت: وسيأتي في "اللباس" في "باب النعال السبتية" استدلال الطحاوي بهذا الحديث على جواز لبس النعال في المقابر.

وقال الحافظ: قال أحمد: يكره لبس النعال السبتية في المقابر لحديث بشير بن الخصاصية كما سيأتي في "كتاب اللباس" فارجع إليه، ثم مسألة سماع الموتى خلافية شهيرة بين الصحابة ومن بعدهم، فأثبته ابن عمر وغيره من الصحابة ومن تبعهم، ونفته عائشة وغيرها ومن تبعهم.

قال ابن عابدين (١): وما ورد في الصحيح من قوله - صلى الله عليه وسلم - لأهل قليب بدر: "هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟ فقال عمر: أَتُكَلِّمُ الميت يا رسول الله؟! فقال عليه الصلاة والسلام: ما أنتم بأسمع منهم"، فأجاب عنه المشايخ بأنه غير ثابت، يعني: من جهة المعنى، وذلك لأن عائشة رَدَّتْهُ بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢]، وأنه إنما قاله على وجه الموعظة للأحياء، وبأنه مخصوص بأولئك تضعيفًا للحسرة عليهم، وبأنه خصوصية له - عليه السلام - معجزة، لكن يشكل عليه ما في "مسلم" (٢) "إن الميت يسمع قرع نعالهم" إلا أن يخصوا ذلك بأول الوضع في القبر ومقدمة للسؤال جمعًا بينه وبين الآيتين، انتهى.

ومال شيخ مشايخنا الشاه عبد العزيز في "فتاواه" إلى ثبوت سماع الميت وشعوره وإدراكه، وبسط الكلام على ذلك في عدة أسئلة وأجوبة، انتهى من هامش "اللامع".

وفي "الفيض" (٣): اعلم أن مسألة كلام الميت وسماعه واحدة، وأنكرها حنفية العصر، وفي رسالة غير مطبوعة لعلي القاري: إن أحدًا من أئمتنا لم يذهب إلى إنكارها، وإنما استنبطوها من مسألة في "باب الأيمان"


(١) "رد المحتار على الدر المختار" (٥/ ٦٥٧).
(٢) "صحيح مسلم" (ح: ٢٨٧٣).
(٣) "فيض الباري" (٤/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>