للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فلا مجال للمصنف، وكذا للجمهور أن يستدلوا بعدم جواز نكاح المكره بحديث خنساء كما فعله المصنف فتشكر.

(٤ - باب إذا أكره حتى وهب عبدًا أو باعه لم يجز)

أي: ذلك البيع والهبة، والعبد باقٍ على ملكه، قوله: "وبه قال بعض الناس" قيل: الحنفية، "فإن نذر المشتري" بكسر الراء من المكره "فيه" في الذي اشتراه "نذرًا فهو" أي: البيع مع الإكراه "جائز" أي: ماض عليه، ويصح البيع و [كذا] الهبة "بزعمه" أي: عنده، "وكذلك إن دبّره" أي: دبّر العبد الذي اشتراه من المكره على بيعه فينعقد التدبير، قال في "الكواكب": غرض البخاري أن الحنفية تناقضوا، فإن بيع الإكراه إن كان ناقلًا للملك إلى المشتري فإنه يصحّ منه جميع التصرفات، ولا يختص بالنذر والتدبير، وإن قالوا: ليس بناقل فلا يصح النذر والتدبير أيضًا، وحاصله أنهم صححوا التدبير والنذر بدون الملك، وفيه تحكم وتخصيص بغير مخصص، انتهى من "القسطلاني" (١).

وأما مذهب البخاري فهو يقول بجواز كليهما أعني بيع المكره وما يترتب عليه من نذر أو تدبير، فمورد الإيراد هو الجزء الأول من الترجمة، أي: عدم جواز بيع المكره، فكأن المصنف أراد بالترجمة أنه كان ينبغي للحنفية أن يقولوا بجواز كلا الأمرين كما هو رأي المصنف، فلذا أورد تحت الترجمة ما يدلّ على جواز بيع المكره، ولم يورد للجزء الثاني من الترجمة حديثًا، وسيأتي الجواب قريبًا عن هذا الإيراد، وأما مطابقة الحديث لما قصده المؤلف من الترجمة فما ذكره العيني إذ قال (٢): قال الداودي ما حاصله: أنه لا مطابقة بين الحديث والترجمة لأنه لا إكراه فيه، ثم قال: إلا أن يراد أنه - صلى الله عليه وسلم - باعه فكان كالمكره له على بيعه، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (١٤/ ٤٣٢).
(٢) "عمدة القاري" (١٦/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>