للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القسطلاني في الصورة المذكورة قبل ذلك: قال سحنون: وكما أبطلوا الزائد على الألف في الإكراه، فكذلك يلزمهم إبطال النكاح بالإكراه، قال: وقد أجمع أصحابنا على إبطال نكاح المكره والمكرهة، فلو كان راضيًا بالنكاح وأكره على المهر يصح العقد اتفاقًا، انتهى.

وفي "نور الأنوار" (١) في مبحث الأهلية بعد ذكر أقسام الإكراه: والإكراه بجملته لا ينافي الخطاب والأهلية لبقاء العقل والبلوغ الذي عليه مدار الخطاب والأهلية، ثم قال: فإن كان القول مما لا ينفسخ ولا يتوقف على الرضا لم يبطل بالكره كالطلاق والعتاق والنكاح والرجعة، فإن هذه التصرفات كلها لا تحتمل الفسخ ولا تتوقف على الرضا، إلى آخر ما بسط.

وما ذكر الشرَّاح من عدم جواز النكاح المكره عند الجمهور هو كذلك كما في كتب فروعهم، ففي "الروض المربع" (٢): الشرط الثاني رضاهما فلا يصحّ إن أكره أحدهما بغير حق كالبيع، انتهى.

وفي "كتاب الأنوار" في فقه الشافعية: وأن يكون مختارًا، فإن كان مكرهًا لبطل النكاح، انتهى.

ثم لا يذهب عليك أن مسألة الإكراه في النكاح غير مسألة ولاية الإجبار، فقد تقدم الكلام على ولاية الإجبار واختلاف العلماء فيها في "كتاب النكاح" فارجع إليه لو شئت، وقد نبَّه عليه صاحب "الفيض" (٣) أيضًا حيث قال: والإكراه على النكاح بأن يهدّده بالنفس أو العضو، إلا أن يتكلم بالإيجاب أو القبول، وحينئذٍ حديث خنساء في غير محله، فإن أباها كان زوَّجها بعبارته، ولم يكن أكرهها على الإيجاب والقبول، وليست ولاية الإجبار من باب الإكراه في شيء، فإن معناها نفاذ القول عليها بدون رضاها، وليس معناها أن يضربها الأب أو الولي فيجبرها أن تُنكِحَ نفسها كما زعم، انتهى.


(١) "نور الأنوار" (ص ٣١١، ٣١٢).
(٢) "الروض المربع" (ص ٤٤٠).
(٣) "فيض الباري" (٦/ ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>