للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأصحاب محمد ومن صنع مثل صنيعهم، وهذا منقطع، وروى عبد الرزاق وأحمد وغيرهما من حديث ابن عباس بإسناد جيد قال: هم الذين هاجروا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أخص من الذي قبله. وللطبراني عن عكرمة، قال: نزلت في ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأُبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل، وهذا موقوف فيه انقطاع، وهو أخص مما قبله.

وجاء في سبب هذا الحديث ما أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال: كان من قبلكم لا يأمن هذا في بلاد هذا ولا هذا في بلاد هذا، فلما كنتم أنتم أمن فيكم الأحمر والأسود. ومن وجه آخر عنه قال: لم تكن أمة دخل فيها من أصناف الناس مثل هذه الأمة، وعن أُبي بن كعب قال: لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة، أخرجه الطبري بإسناد حسن عنه، وهذا كله يقتضي حملها على عموم الأمة، وبه جزم الفراء واستشهد بقوله: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ} [الأنفال: ٢٦]، وقوله: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} [الأعراف: ٨٦] قال: وحذف كان في مثل هذا وإظهارها سواء، وقال غيره: المراد بقوله: {كُنْتُمْ} في اللوح المحفوظ أو في علم الله، ورجح الطبري أيضًا حمل الآية على عموم الأمة، وأيّد ذلك بحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في هذه الآية {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال: "أنتم متمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله" وهو حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه، وفي حديث علي عند أحمد بإسناد حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وجعلت أمتي خير الأمم"، انتهى من "الفتح".

(٨ - باب قوله: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} [آل عمران: ١٢٢])

تقدمت هذه الترجمة في المغازي مع شرحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>